للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصلوا بالمال من الإسماعيليّة ببلاد المشرق، فقبض عليهم وصلبهم.

وعمّر بمنية زفتا جامعا كبيرا وفرشه وقرّر فيه خطيبا ومؤذّنين، فصارت الجمعة تقام به.

وبنى أيضا جامعا بواحات البهنسا، فبلغت عدّة ما بناه واستجدّه من المساجد أحدا وأربعين مسجدا.

وبنى بالقاهرة دار ضرب بالقشّاشين [٢١٠ أ] [وهي] التي تعرف اليوم بالخرّاطين.

ورتّب بداره قارئين يتناوبان قراءة القرآن الكريم ويصلّيان بمن في داره جماعة. ورتّب لها من الرسوم والكساوي شيئا جزيلا.

[[تسهيله وصول الشكايات إليه]]

وأمر بعمل ميقاط (١) حرير فيه ثلاث جلاجل.

وفتح طاقة من سور داره. فإذا مضى شطر الليل وانقطع المشي دلّى الميقاط، وهناك عدّة يبيتون تحته، فإذا ظلم أحد في الليل جاء وشدّ رقعته في الميقاط وحرّكه، فيرفع إلى المأمون. فإن كانت الرقعة مرافعة لم يمكّن البيّاتون من رفعها. وإن كانت ظلامة مكّن صاحبها من رفعها، وعوّقه البيّاتون عندهم حتى يخرج الجواب.

وحضرت كسوة عيد النحر ففرّقت، وفرّقت رسومها على من جرت عادتهم بها. وجملتها سبعة عشر ألفا وستّمائة دينار. ونحر الخليفة بيده في الثلاثة الأيّام تسعمائة وستّة وأربعين رأسا.

وبلغ المصروف على الأسمطة في الثلاثة الأيّام، خارجا عن أسمطة المأمون بداره، ألفا وثلاثمائة وستّة عشر دينارا وثمانية وأربعين قنطارا سكّرا برسم قصور الحلاوة، والقطع المنفوخ.

[[الاحتفال بعيد الغدير]]

وجلس المأمون في ثالث يوم العيد بداره للراحة، وحضر الأمراء لحوائجهم. فلمّا كان يوم عيد الغدير (٢) هاجر إلى باب المأمون الضعفاء والمساكين من البلاد، ومن انضاف إليهم من العوالّ والأدوان على عادتهم في طلب الحلال وتزويج الأيتام. وكان موسما يرصده كلّ أحد، ويرتقبه الغنيّ والفقير. فجرى في معروفه على رسمه، ومدحه الشعراء.

ووصلت كسوة عيد الغدير، وهي مائة وأربع وأربعون قطعة ففرّقت في أربابها، ومعها رسومها، وهي من العين سبعمائة وتسعون دينارا. وفرّق المأمون من ماله بعد الخلع عليه ألفين وخمسمائة وثمانين دينارا.

فلمّا انقضى العيد خلع الخليفة على المأمون وقلّده بالعقد الجوهريّ في عنقه بيده. ومضى إلى داره فمدحه عدّة من الشعراء. وحضر إليه متولّي خزانة الكسوة الخاصّ بالثياب التي كانت عليه قبل الخلع، فأعطاه الرسم على العادة وهو مائة دينار.

ثمّ حضر متولّي بيت المال وصحبته صندوق ضمنه خمسة آلاف دينار برسم فكاك العقد الجوهر، والسيف المرصّع، ففرّفها.

وركب الخليفة إلى قليوب، ونزل بالبستان العزيزيّ لمشاهدة قصر الورد على العادة، ففرّقت الصدقات في مسافة الطريق وعملت الأسمطة، ثمّ عاد آخر النهار.

[[احتياطه للحرائق بالمدينة]]

فلمّا أهلّت سنة سبع عشرة [٢١٠ ب] وخمسمائة جرى الرسم في غرّة العام [بحمل ما يحضر من


(١) الميقاط: لم نجد الكلمة في المعاجم، ويبدو من السياق أنّه حبل مختوم بوعاء.
(٢) أي ١٨ ذي الحجّة سنة ٥١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>