للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فوصفهما له. فلمّا دخل مصر أتاه الناس. وأتاه يونس فرفعه وأكرمه، وأتاه موسى، فاختصّ بهما.

وكانت علامته: الحمد لله، هكذا قدّر.

٩٣٣ - بكتاش الفخريّ [- ٧٠٦] (١)

[٢٨٤ أ] بكتاش الفخريّ، الأمير بدر الدين، أمير سلاح، الصالحيّ، النجميّ.

كان أحد مماليك الأمير الوزير فخر الدين [يوسف] ابن شيخ الشيوخ. فلمّا مات أخذه الملك الصالح نجم الدين أيّوب. وترقّى في الخدم حتى صار من أمراء مصر في الأيّام الصالحيّة. وأعطي إمرة مائة وتقدمة ألف في أيّام الظاهر بيبرس. وأقام أميرا زيادة على ستّين سنة، وعرف بأمير سلاح. وتردّد في الغزو مرارا عديدة في بلاد سيس وغيرها.

ولمّا قتل المنصور لاجين عرضت عليه السلطنة فامتنع، وأشار بإحضار الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك. فصار الأمراء يتردّدون إلى داره بالقاهرة ويأكلون على سماطه، إلى أن حضر الناصر من الكرك وأعيد إلى السلطنة، فبالغ في إكرامه.

وما زال يواظب الخروج إلى الغزاة حتّى مرض وقد أناف على الثمانين. فخاف أستاداره بكتمر الفارسيّ أنّه يموت فيطالب من الديوان السلطانيبتفاوت (٢) الإقطاع في مدّة إمرته وهي ستّون سنة

وأن يلزم بالتقاوي (٣) السلطانيّة، فحسّن لولده ناصر الدين محمد أن يجتمع بالأميرين بيبرس [٢٥٥ أ] وسلّار- وهما يومئذ القائمان بتدبير أمور الدولة ويبلّغهما سلام أبيه وأنّه يسألهما الكلام مع (٤) السلطان في إخراج الإمرة عنه وكتابة مسموح لأولاده ومباشريه بما يخصّ السلطان من تفاوت الإقطاعات والانتقالات من ابتداء تاريخ إمرته وإلى حين خرج إقطاع الإمرة عنه، ويذكر لهما عنه أنّه قال: قد كبر سنّي وعجزت عن الركوب، ولا يحلّ لي أكل هذا الإقطاع بغير استحقاق، وأن يذكّرهما بما له من قديم الهجرة والتذمّم بخدمة البيت المنصوريّ ومناصحته.

وخيّل لابن بكتاش أنّه إن لم يفعل هذا حتى يموت أبوه لا يبقى له ولإخوته شيء، ويحتاج إلى الاستدانة في وفاء ما يجب للديوان السلطانيّ.

فانفعل له وبلّغ الأميرين عن أبيه ما رتّبه فيه أستداره. فتألّما وبكيا بكاء كثيرا ورأيا من تمام حقّ الأمير بكتاش المبادرة إلى امتثال ما أشار به، ولم يشكّا في صدق ولده.

واجتمعا بالخدمة السلطانيّة مع الأمراء، وقام ابن بكتاش فأعاد الرسالة على الجميع، فلم يجدوا بدّا من إجابته. وكتب مرسوم سلطانيّ بمسامحته، وحمل إليه مع الأمير سنقر الكماليّ الحاجب والأمير بدر الدين محمد بن الوزيريّ، وتقدّمهما ابن بكتاس ودخل على أبيه ومعه بكتمر أستاداره، وأخذا [٢٨٤ ب] يقولان له ما هو فيه من المرض والعجز عن الحركة، وأنّ الإقطاع الذي باسمه يستكثر عليه، ويعرّضان له بتركه. فقال لهما: أنا أرجو أن يمنّ الله بالعافية وأن أموت على ظهر


(١) أعيان العصر ١/ ٧٠٠ (٤٠١)؛ الوافي ١٠/ ١٨٨ (٤٦٧٤)؛ الدرر ٢/ ١٤ (١٣٠١)؛ السلوك ٢/ ٣٠؛ النجوم ٨/ ٢٢٤؛ المنهل ٣/ ٣٨٥ (٦٧٥).
(٢) تفاوت الإقطاع أو التفاوت الجيشي: الفارق بين الدخل محسوبا بالسنة الهلاليّة والدخل بحسب السنة الخراجيّة؛ السلوك ٢/ ١٩ حاشية ١.
(٣) التفاوي السلطانيّة: يبدو أنّها أموال تجمع للسلطان من الأقاليم؛ راجع السلوك نفس الصفحة حاشية ٣.
(٤) في المخطوط: من السلطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>