للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ميسرة أبي الجيش فزحزحتها. وحمل أبو الجيش بنفسه من القلب يريد ابن أبي الساج فانهزم وتبعه (١) جيشه. وعاد أبو الجيش إلى دمشق وبين يديه خلق كثير من الأسرى وعدّة عظيمة من رءوس القتلى.

وكتب إلى ابن أبي الساج يوبّخه بعد ما خلع على ابنه ووصله وردّه إليه. وعاد إلى مصر فدخلها يوم الخميس لستّ بقين من جمادى الآخرة سنة ستّ وسبعين.

ثمّ خرج إلى الإسكندريّة يوم الأحد لأربع خلون من شوّال منها، ورابط أيّاما وعاد إلى مصر.

وأتى الخبر بأنّ يازمان الخادم دعا لخمارويه بطرسوس والثغور في جمادى الآخرة سنة سبع وسبعين. فبعث إليه بثلاثين ألف دينار ليفرّقها في سبيل الله، وخمسين ثوبا ديباجا، وخمسمائة درّاعة صوف تفرّق في المطوّعة، وسلاح كثير.

ثمّ خرج إلى الشام يوم الثلاثاء لسبع عشرة من ذي القعدة منها، وقد ورد الخبر بخروج ابن أبي الساج، فسار حتّى بلغ الرقّة، فعبر ابن أبي الساج الفرات وأخذ على أبي الجيش مواضع العبور ولم يدع مركبا حتّى جعله عنده. فأقام أبو الجيش على الفرات، وقد عجز عن العبور مدّة أيام، ثمّ ظفر بسفينتين فركب فيهما ومعه نحو ألف من خاصّته، وسار، والعساكر كلّها قد عبرت الفرات إلى أن وافى ابن أبي الساج سحرا على حين غفلة. ففرّ بمن معه على وجهه، وأبو الجيش على أثره، وفي مقدّمته كوثر الخادم، وأحمد بن جمعويه، إلى أن بلغا سرّ من رأى، ودخل بعض أصحابهما إلى السوق بها واشترى منه. فبعث الموفّق إلى ابن أبي الساج: ويلك! إلى أين تطرد بين يديه وتجرّه إلينا؟ أظنّ هذا عن تواطؤ بينكما. ارجع، لعنك الله، إليه، فقد فضحك!

وبعث إلى أبي الجيش: إلى أين عافاك الله؟ قد بلغت مرادك وحسبك. قد بلغت أكثر ما في نفسك.

[تودّده للمعتضد]

فرجع، ومات أبو أحمد الموفّق في صفر سنة ثمان وسبعين وعهد إلى ابنه أبي العبّاس أحمد.

ومات أمير المؤمنين المعتمد على الله لعشر بقين من رجب سنة تسع وسبعين. فقام من بعده في الخلافة أمير المؤمنين أبو العبّاس أحمد المعتضدبالله ابن الموفّق. فبعث إليه خمارويه بالهدايا مع الحسين بن عبد الله بن منصور الجوهريّ المعروف بابن الجصّاص، وهي: عشرون حملا من المال، وعشرون خادما على الخيول بسروج ولجم محلّاة ثقال ونحوتا كثيرة من الطراز، وعشرون غلاما فحولا على نجب بجاويّة (٢) بسروج محلّاة ومقاود حرير محلّاة، بأيديهم حراب من فضّة، وعليهم الديباج ومناطق الفضّة والذهب، وسبعة عشر فرسا مسرجة ملجمة، منها خمسة سروجها ذهب خالص وبقيّتها فضّة، وخمس بغلات مسرجة ملجمة، وثلاثون فرسا قوداء (٣) بجلال ديباج، وزرافة، فوصل في شوّال وخلع عليه وعلى من معه.

وقدم أبو الجيش إلى الفسطاط يوم السبت لستّ خلون من ربيع الأوّل سنة ثمانين ومائتين.

وقدم ابن الجصّاص من العراق إلى الفسطاط لخمس بقين منه، ومعه أجوبة الكتب وتجديد العهد لخمارويه وولده مدّة ثلاثين سنة بالولاية من الفرات إلى برقة. وجعل إليه الصلاة والخراج والقضاء وجميع الأعمال على أن يحمل في كلّ عام من المال مائتي ألف دينار عمّا مضى وثلاثمائة ألف عن كلّ عام للمستقبل.


(١) انهزم ابن أبي الساج.
(٢) بجاويّة: قراءة ظنّيّة.
(٣) وكذلك قوداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>