وموال لهم ومماليك وعبيد وإماء، قدم به على عبيد الله بن زياد مع رأس الحسين ورءوس من قتل معه، رضوان الله عليهم.
ولمّا قتل الحسين انتهب رحله وثقله. فأخذ سيفه القلانس النهشليّ.
وأخذ سيفا له آخر جميع بن الخلق الأزديّ.
وأخذ سراويله بحر بن كعب التميميّ وتركه مجرّدا.
وأخذ قطيفته قيس بن الأشعث بن قيس الكنديّ، فكان يقال له «قيس قطيفة».
وأخذ نعليه الأسود بن خالد الأوديّ.
وأخذ عمامته جابر بن يزيد.
وأخذ برنسه- وكان من خزّ- مالك بن بشير الكنديّ.
وأخذ رجل من العراق حلي فاطمة بنت الحسين، وهو يبكي. فقالت له فاطمة: لم تبكي؟ .
فقال: أسلب بنت رسول الله ولا أبكي؟
فقالت: دعه.
قال: إنّي أخاف أن يأخذه غيري.
وكان علي بن الحسين، الأصغر، مريضا نائما على فراش. فقال شمر بن ذي الجوشن: اقتلوا هذا! .
فقال له رجل من أصحابه: سبحان الله! نقتل فتى حدثا مريضا لم يقاتل؟
وجاء عمر [بن سعد] بن أبي وقّاص فقال: لا تعرضوا لهؤلاء النسوة ولا لهذا المريض.
وقال عليّ بن الحسين: قصدني رجل منهم وأكرم نزلي واختصّني وجعل يبكي كلّما خرج ودخل حتى كنت أقول: إن لم يكن عند أحد من الناس وفاء فعند هذا! - إلى أن نادى منادي ابن زياد: ألا من وجد عليّ بن الحسين فليأت به، فقد جعلنا فيه ثلاثمائة درهم.
قال عليّ: فدخل والله عليّ وهو يبكي، وجعل يربط يديّ إلى عنقي وهو يقول: أخاف! - فأخرجني والله إليهم مربوطا حتّى دفعني إليهم وأخذ ثلاثمائة درهم وأنا انظر إليه. فأخذت فأدخلت على ابن زياد فقال: ما اسمك؟
فقلت: علي بن حسين.
فقال: أولم يقتل الله عليّا؟
قلت: كان لي أخ يقال له عليّ، أكبر منّي، قتله الناس.
قال: بل الله قتله.
قلت: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها (الزمر: ٤٢).
فأمر بقتله. فصاحت زينب بنت عليّ: يا ابن زياد، حسبك من دمائنا! أسألك الله إن قتلته إلّا قتلتني معه.- فتركه.
[حمل بقيّة أهله إلى الشّام]
ولمّا أمر عمر بن سعد بثقل الحسين أن يدخل الكوفة، تقدّم به إلى عبيد الله بن زياد. وبعث إليه بالرأس مع خولي بن يزيد الأصبحيّ. فلمّا حملالنساء والصبيان ومرّوا بالقتلى، صرخت زينب بنت علي: يا محمّداه! هذا حسين بالعراء، مزمّل بالدماء، مقطّع الأعضاء! يا محمّد، وبناتك سبايا وذرّيّتك مقتّلة! .
فما بقي [٤٠٣ أ] صديق ولا عدوّ إلّا أكبّ باكيا.
وقدم بهم إلى عبيد الله بن زياد فقال عبيد الله بن زياد: من هذه؟
فقالوا: زينب بنت عليّ بن أبي طالب.
فقال لها: كيف رأيت صنع الله بأهل بيتك؟