للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمّ قلت له: من كانت هذه أحكامه فليس من سبيله أن ينكر على غيره.

فبقي متعجّبا، فقلت له: أتعجب من حكم حكم به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحكم به أبو بكر، وحكم به عمر، وحكم به عليّ بن أبي طالب بالعراق، وقضى به شريح؟ (قال): ورجل من ورائي يكتب ألفاظي وأنا لا أعلم به. ثمّ إنّه أدخل ما كتب من كلامي وألفاظي على أمير المؤمنين هارون الرشيد وقرأه عليه. فقال لي هرثمة بن أعين: وكان متكئا فاستوى جالسا وقال: اقرأه عليّ ثانية- فقرأه عليه، فأنشأ أمير المؤمنين يقول: صدق الله ورسوله [١٢٦ أ] حتى قالها ثلاث مرّات. ثمّ قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تعلّموا من قريش ولا تعلّموها، قدّموا قريشا ولا تؤخّروها»، ما أنكر أن يكون محمد بن إدريس أعلم من محمّد بن الحسن؟

(قال): ثمّ إنّه رضي عنّي وأمر لي بألف دينار.

فخرج هرثمة فقال لي- بالسوط هكذا (١) - فتبعته فحدّثني بالقصّة كلّها، وقال لي: قد أمر لك أمير المؤمنين، أطال الله بقاءه، بألف دينار، وقد أضفت إليها مثلها غير خمسين دينارا، فإنّ أمير المؤمنين لا يساوي في جائزته. (قال): فو الله ما ملكت قبلها مثل هذا المال قطّ، وكان أوّل مال كثير ملكته، وكنت رجلا أتشيّع فوقاني الله على يدي أبي مصعب. فلمّا كان بعد ذلك جلست إلى محمد بن الحسن [ ... ] تجاهه، ومعي جزء انظر فيه فقال لي: أرني في أيّ شيء تنظر- فلم أره، فتناول القلم والقرطاس وكتب إليّ [الرجز]:

فقل لمن لم ير عيبا من رآه مثله ... ومن كان قد رآه قد رأى من قبله (٢)

العلم ينهى أهله أن يمنعوه أهله ... لعلّه يبذله لأهله لعلّه

فلمّا قرأت هذه الأبيات دفعت الجزء إليه.

[أسانيد الشافعيّ مدنيّة صحيحة]

وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: ثنا الشافعيّ ثنا إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين بمكّة قال: قرأت على شبل بن عبّاد. وأخبر شبل أنّه قرأ على عبد الله بن كثير. وأخبر عبد الله بن كثير أنّه قرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد أنّه قرأ على عبد الله بن عبّاس. وأخبر عبد الله بن عبّاس أنّه قرأ على أبيّ بن كعب. وقرأ أبيّ بن كعب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال الشافعيّ: وقرأت على إسماعيل [بن عبد الله] بن قسطنطين.

وكان يقول: القرآن اسم، وليس بمهموز، ولم يؤخذ من «قرأت» - يعني: ولو أخذ من قرأت كان كلّ ما قرئ قرآنا. ولكنّه اسم للقرآن مثل التوراة والإنجيل. وكان يهمز قرأت ولا يهمز القرآن، وكان يقول: وإذا قرأت القرآن.

وعن المزني: سمعت الشافعيّ يقول: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين. وحفظت الموطّأ وأنا ابن عشر سنين.

وعن حرملة: سمعت الشافعيّ يقول: أتيت مالك بن أنس وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، وكان ابن عمّ لي والي المدينة، فكلّم لي مالكا فأتيته لأقرأ عليه فقال: اطلب من يقرأ لك.

فقلت: أنا أقرأ.

فقال: اطلب من [١٢٦ ب] يقرأ لك.

فقلت: أنا أقرأ.

(قال): فقرأت عليه، وربّما قال لشيء قد مرّ:

أعد حديث كذا- فأعيده حفظا. فكأنّه أعجبه. ثمّ سألته عن مسألة فأجابني، ثمّ عن أخرى، ثمّ


(١) لم نفهم هذه العبارة.
(٢) البيت مختلّ. ولعلّه من السريع.

<<  <  ج: ص:  >  >>