للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بدمشق ومصر على العماد ابن كثير، وأبي الحرم القلانسيّ، في آخرين. وعني بالأدب ومتعلّقاته حتّى مهر فيه إلى الغاية، وصار من أئمّة الأدب، ومدح الأعيان بالشام ومصر.

وشعره كثير. وصنّف في العربيّة واللغة، وكانا جلّ علمه، مع مشاركة جيّدة في كلّ علم من العلوم النقليّة والعقليّة.

فمن مصنّفاته: شرح ألفيّة ابن مالك في النحو، سبك النظم مع الشرح. وكتاب «الليث والضرغام» في اللغة، رتّبه على الحروف.

وكان مفرط الذكاء جميل المحاضرة، يضرب في كلّ فنّ من الجدّ والهزل بنصيب، ويغلب عليه المجون فيبديه في كلّ حال، حتّى في المباحث العلميّة. وكان له اقتدار على الكلام المنظوم والمنثور، واستعمال ذلك في سائر الوجوه، وتصريف القول في الحقّ والباطل.

وولع بعلم الكيمياء وعملها دهرا فصار يستحضر من كلام أهلها جملة كبيرة. وكان يعاني بدمشق الشهادة في القيمة (١): فمن حذلقته وهزله [أنّه] عمل مكتوبا يتضمّن بيع الزاوية الغزاليّة بجامع بني أميّة- وسمّاها الغرابيّة- وذكر حدودها الأربعة- ودلّس فيها أيضا- وقدّم هذا المكتوب [٧٣ ب] إلى قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن جماعة الشافعيّ، وهو يومئذ قاضي القضاة بدمشق. فأذن في إثباته. فأخذ المكتوب، وقصد أن يجعل «الباء» من الغرابيّة «لاما» فتصير «الغزاليّة»، ويظهر ذلك في الناس ليشتدّ النكير

وتعظم الشناعة على ابن جماعة بأنّه أذن في بيع الزاوية الغزاليّة من جامع بني أميّة. فعرّف القاضي بذلك عنه، فأحضره وعزّره (٢).

وكان مع ذلك محبّا للهو مقبلا عليه، وقد هاجى كثيرا من الناس. وأقام بمصر زمانا، وتردّد إليها كثيرا، وتطوّر في عدّة أطوار. وآخر أمره أقام ببيسان وبها مات في [ ... ] ربيع الأوّل سنة عشر وثمانمائة.

ومن شعره [الكامل]:

لم أسع في طلب الحديث لسمعه ... أو لاجتماع قديمه وحديثه

لكن إذا فات المحبّ لقاء من ... يهوى، تعلّل باستماع حديثه

١٧٣٠ - ابن شاكر الجمحيّ [- ٢٧٦]

محمد بن أحمد بن شاكر، أبو عبد الله- وقيل:

أبو العبّاس- الجمحيّ، مولاهم.

قال ابن يونس: توفّي ببرقة على القضاء بها سنة ستّ وسبعين ومائتين.

١٧٣١ - أبو بكر ابن الصلت البغداديّ [- ٣١١] (٣)

محمد بن أحمد بن الصلت بن دينار، أبو بكر، البغداديّ، الكاتب.

قال الخطيب: سمع ابن وهب وخالد بن عبد الله الواسطيّ، وعبد الله بن عمر بن أبان الكوفيّ، وسيّار بن عبد الله البصريّ. وروى عنه


(١) شهادة القيمة: ترجمها ناشر تاريخ ابن قاضي شهبة (ص ٢٣ من القسم الفرنسي)، بوظيفة تقدير قيمة وقف من الأوقاف. وعرّف دوزي (قوم) القيمة بثمن التغيير الذي يدخله مكتري الوقف على أصل الحبس. وفي درر العقود ٣/ ١٤٠: كان يشهد في قيمة الأملاك بدمشق.
(٢) هذه الحادثة رواها ابن قاضي شهبة في تاريخه (١/ ١٣٢ حوادث سنة ٧٨٦) كسعاية خبيثة من صاحب الترجمة ضدّ العلاء البصروي قاضي القضاة.
(٣) تاريخ بغداد ١/ ٣٠٨ (١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>