للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قابوس محمود بن حمك (١) إلى جهة الفيّوم بطائفة من العسكر فقتل نفرا من البربر وغنم غنائم كثيرة وعاد إلى المعسكر بالجيزة في سنة تسع.

ومضى ثمل في المراكب فأخرج من الإسكندريّة أصحاب أبي القاسم وعاد إلى الجيزة فمضى منها إلى اللاهون (٢). وسار مؤنس وتكين في عسكرهما وعلى مقدّمتهما جنّي الصفواني، فدخلوا مدينة الفيّوم.

وسار أبو القاسم إلى تنهمت (٣) وتوجّه إلى برقة ولم يكن بينهما لقاء (٤) فرجع العسكر إلى المهديّة في رجب منها (٥)، بعد ما وقع في عسكره وباء وغلاء، فمات أكثر خيله ورجاله.

[[بناؤه المسيلة]]

ثمّ بعثه المهدي في صفر سنة خمس عشرة وثلاثمائة على جيش كبير لقتال محمد بن خزر الزناتي، وقد قام بالمغرب واجتمع عليه خلق كثير. فسار حتى بلغ ما وراء تاهرت، وتفرّق

الأعداء. وعاد فخطّ برمحه مدينة في الأرض سمّاها المحمّدية- وهي المسيلة- وكانت خطّة (٦) لبني كملان فأخرجهم منها ونقلهم إلى فحص القيروان، كأنّه توقّع منهم أمرا فأحبّ أن يكونوا قريبا منه. ولم يدر الناس معنى ذلك حتى ظهر أبو يزيد فكانوا أصحابه.

ولمّا تمّ بناء المحمّديّة سكنها كثير من الناس، وتقدّم أن يخزن بها كثير من الطعام ويحتفظ به، ففعل ذلك، فلم يزل مخزونا حتى خرج أبو يزيد، فكان المنصور إسماعيل بن محمد القائم هذا يمتار منه ولا يجد غيره.

ولمّا مات والده المهديّ عبيد الله كتم موته سنة (٧) لتدبير كان له: فإنّه كان يخاف من اختلاف الناس عليه إذا علموا بموته. فلمّا تمكّن وفرغ من جميع ما يريد أظهر موت أبيه وبويع له في النصف من ربيع الأوّل سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وله


(١) أبو قابوس محمود بن حمك: ولّاه مؤنس على مصر أيّاما (الكندي ٢٧٨)، وبعثه إلى «ذات الصفا من الفيّوم فقتل نفرا من البربر وغنم غنائم ثمّ انصرف إلى الجيزة سنة تسع وثلاثمائة» (الكندي ٢٧٧). وترك مصر مع مؤنس وثمل في أوّل ولاية هلال بن بدر.
(٢) اللاهون اليوم: بلدة على عشرين ميلا من مدينة الفيّوم بينها وبين النيل. وتقع على خليج المنها أو بحر يوسف، الذي كان يحمل ماء النيل إلى بحيرة الفيّوم أو بركة قارون. وفي كتاب الولاة ٢٧٢: «فمضى ثمل في مراكبه إلى اللاهون». أمّا مؤنس وتكين فقد سارا إلى الفيّوم على طريق البرّ.
(٣) تنهمت وأقنى: قريتان غربيّ مدينة الفيّوم (انظر خريطة رفن كست ناشر كتاب الولاة ص ٦ من القسم الإنجليزي).
(٤) عبارة الكندي ٢٧٨: ولم يكن بينهم، أي بين المغاربة والمصريّين.
(٥) أي من سنة ٣٠٩.
(٦) خطّة بالكسر، أي منزل ومسكن.
(٧) عند ابن حمّاد ١٨: «وبويع يوم مات أبوه عبيد الله»، فلا ذكر لكتمان الخبر طيلة سنة، وكذلك عند القاضي النعمان: افتتاح (بيروت) ٢٧٦: «فنعي [المهدي] صبيحة الثلاثاء لعشر خلون من ربيع الآخر سنة اثنين وعشرين» ... ، فالاختلاف هنا لا يتجاوز شهرا وخمسة أيّام.
ولعلّ المقريزي خلط بين موت المهديّ وموت القائم: فالمنصور كتم موت القائم سنة وثلاثة أشهر كما سيأتي في ص ٩٧ من هذه الترجمة، وانظر ص ٧٦ من ترجمة المنصور رقم ٧٨٠. وكتم موت القائم لأنه كان في حرب مع أبي يزيد. أمّا إخفاء موت المهديّ فلا مبرّر له، والمقريزي نفسه لم يذكر هذه المهلة في الاتّعاظ وفي الخطط، بل اكتفى بعبارة مماثلة لما فيالمقفّى: «فلمّا فرغ من جميع ما يريده وتمكّن، أظهر موت أبيه ... »، ثمّ إنّ تاريخ المبايعة الذي سيذكره بعد قليل هو تاريخ وفاة المهدي: ١٥ ربيع الأوّل ٣٢٢.
وفي العيون والحدائق ٢٨٠: «أخفى القائم موت أبيه لتدبير وسياسة»، ولكن بدون ذكر مدّة الكتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>