للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمّ إنّ المهديّ جهّز أبا القاسم وليّ عهده لأخذ مصر وبعث معه الجيوش، فسار في يوم الاثنين أوّل ذي القعدة سنة ستّ وثلاثمائة (١)، وأقبل يريد الإسكندريّة حتى نزلت مقدمته لوبية ومراقية (٢)، فهرب أهل الإسكندريّة منها وجلوا عنها. وخرج منها مظفّر (٣) ابن الأمير ذكاء في جيشه، ودخلت مقدّمة أبي القاسم الإسكندريّة يوم الجمعة لثمان خلون من صفر سنة سبع وثلاثمائة، ففرّ أهل القوّة من الفسطاط إلى الشام في البرّ والبحر، فهلك أكثرهم بفلسطين، وخرج الأمير أبو الحسن ذكاء الأعور الروميّ (٤) من مصر إلى الجيزة فعسكر بها للنصف من صفر، وقدّم الحسين بن أحمد الماذرائيّ (٥) على خراج مصر فوضع العطايا بالجيزة، وجدّ ذكاء في أمر الحرب وشرع في [٨١ ب] بناء حصن بالجيزة وخندق على عسكره بها فمات في حادي عشر ربيع الأوّل. ووليّ مصر بعده أبو منصور تكين (٦)

مرّة ثانية. ونزل العسكر بالجيزة.

وتقدّم أبو القاسم إلى الإسكندريّة في شهر ربيع الثاني، ومعه من طوائف العسكر عدد كثير.

فكتب إلى أهل مكّة يدعوهم إلى طاعته فلو يقبلوا منه.

ووردت بذلك الأخبار إلى بغداد فبعث المقتدر بالله العساكر إلى مصر.

وأقبلت مراكب المهدي عبيد الله إلى الإسكندريّة، عليها سليمان الخادم (٧)، فقاتله ثمل الخادم (٨) بمراكب طرسوس وأسره ومن معه.

وقدم مؤنس المظفّر من بغداد على عدّة من العسكر مددا لتكين. وسار أبو القاسم من الإسكندريّة إلى الفيّوم ونزلها واستولى على جزيرة الأشمونين كلّها. فقدم جنّيّ الصفواني (٩) الخادم من بغداد سلخ ذي الحجّة، وبعث مؤنس بأبي


- ٣٢١ (انظر العيون والحدائق ٢٦٧، والهامش ٥، وكذلك ك. الولاة ٢٦٧ وترجمته رقم ١٠٢٩).
(١) حملة القائم الثانية على مصر: في الكامل ٦/ ١٦١، وفي الاتّعاظ ١٠٣، كان وصول القائم إلى الإسكندريّة في ربيع الآخر سنة ٣٠٦، أي قبل التاريخ المذكور هنا بنحو ستّة أشهر.
(٢) لوبية ومراقية: كورتان من إقليم الإسكندريّة تقعان على الساحل (كتاب البلدان لليعقوبي، ضمن الأعلاق النفيسة، ٣٣١). وتأتي لوبية قبل مراقية في طريق الإسكندريّة من إفريقيّة.
(٣) مظفّر بن ذكا، «جعله أبوه ذكا الأعور على الإسكندريّة في ربيع الأوّل سنة ٣٠٤ (ك. الولاة، ٢٧٤)، والمقريزي بوجه عامّ ينقل رواية الكندي مع اختلاف طفيف.
(٤) ذكا الأعور: ولّاه المقتدر على مصر في صفر سنة ٣٠٣، وقد عوّض تكين الخاصة، الذي عزله مؤنس في ذي القعدة ٣٠٢.
(٥) الماذرائيّ: أبو علي الحسين بن أحمد، المعروف بأبي زنبور: تولّى خراج مصر مدّة طويلة ابتداء من سنة ٢٩٣ (ك. الولاة، ٢٥٨). وانظر ترجمته رقم ١٢٢٣.
(٦) تكين الخاصة أبو منصور: ولي مصر ثلاث مرّات، وكانت حملتا القائم في مدّته. وتوفّي في ربيع الأوّل سنة-
(٧) سليمان الصقلبي «من عبيد الإمام المهديّ» (عيون الأخبار ٢٣٤)، وأضاف الداعي إدريس أنّه حمل إلى بغداد بعد أسره وضربت عنقه هناك بأمر من المقتدر. وفي العيون والحدائق ٢٠٧ أنّه مات بمصر، وكذلك في الكامل ٦/ ١٦١.
(٨) ثمال في عيون الأخبار ٢٠٦، وثمل في العيون والحدائق ٢٠٦، وخبر الحرب بين الأسطولين مستفيض في العيون والحدائق ٢٠٥ - ٢٠٧. وفي التنبيه والإشراف للمسعودي ص ٣٣١: ثمل الخادم الدلفي، صاحب أنطاكية والثغور الشاميّة.
(٩) جنّي الصفواني: أحد القوّاد العبّاسيّين، شارك بمصر في الحرب ضدّ الفاطميّين، وكان له أيضا حروب مع القرامطة بالعراق (التنبيه والإشراف للمسعودي ٣٣١، وفيه أنّه «مولى ابن صفوان العقيلي»، فلعلّ ذلك مصدر تلقيبه بالصفوانيّ)، وأسره أبو طاهر القرمطي في وقعة الكوفة سنة ٣١٢ (العيون والحدائق ٢٢٨).
وقد خصّص له المقريزي في المقفّى الترجمة رقم ١٠٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>