خرجت إذا أنا بحانوت إلى جنب المسجد فيها أواني زجاج فيها شيء أحمر وأصفر وأبيض، فكنت انظر إليها وأتعجّب من حسن الزجاج وشرابه.
فقال الرجل: ما تنظر؟ ذلك خمر!
فقلت: الخمر إلى جانب المسجد! - فدخلت إلى الحانوت وتناولت أهرق الخمر إلى أن صار إلى ركبتيّ، وأحد لا يجسر عليّ حتى ذهبوا إلى السلطان فأخذني فضربت أربعمائة مقرعة. فعلمت من أين أتيت. وذلك أنّ أستاذي بمصر فارتكنت إلى جاهه عند ابن طولون. فلمّا وقع الخاطر ضربت- ويريد بأستاذه محمد بن إسماعيل المغربيّ.
وقدم إبراهيم بن شيبان هذا مصر، وكان بها.
ومن كلامه: من أراد أن يتعطّل فليلزم الرخص. وقال: علم الفناء والبقاء يدور على إخلاص الوحدانيّة وصحّة العبوديّة، وما كان غير هذا فهو المغاليط والزندقة.
وقال: السفلة من يعصي الله.
وعن محمد بن محمد بن ثوابة قال: سمعت إبراهيم بن شيبان يقول: خرجت مع أبي عبد الله المغربيّ على طريق تبوك. فلمّا أشرفنا على معان- وكان له بمعان شيخ يقال له: أبو الحسن المعانيّ- فنزل عليه، وما كنت رأيته قبل ولكن سمعت باسمه. فوقع في خاطري: إذا دخلت إلى معان قلت له: يصلح لنا عدسا بخلّ.
فالتفت إليّ الشيخ وقال: احفظ خاطرك!
فقلت له: ليس إلّا خير.
فأخذ الركوة من يدي فجعلت أتقلّب على الرمضاء، وأقول: لا أعود!
فلمّا رضي عنّي ردّ الركوة إليّ. فلمّا دخلنا إلى معان، قال لي الشيخ أبو الحسن المعانيّ، وما رآني قطّ: قد عاد خاطرك على الجماعة: كلّ ما عندنا عدس بخلّ!
وقال منصور بن عبد الله: سمعت إبراهيم بن شيبان، وسألته عن الورع. قال: الورع أن تسلم ممّا يختلج منه صدرك من الشبهات، ويسلم المسلمون من شرّ أعضائك ظاهرا وباطنا.
وقال الحسن بن إبراهيم القرميسينيّ: دخلت على إبراهيم بن شيبان، فقال لي: لم جئتني؟
قلت: لأخدمك.
قال: استأذنت والديك؟
قلت: نعم، وأذنا لي.
فدخل قوم من السوقة وقوم من الفقراء. فقال لي: قم واخدمهم! فنظرت في البيت إلى سفرتين، إحداهما جديدة والأخرى خلقة.
فقدّمت الجديدة إلى الفقراء، والخلقة إلى السوقة، وجعلت الطعام النظيف إلى الفقراء، وغيره إلى السوقة. فنظر إليّ واستبشر وقال: من علّمك ذا؟
قلت: حسن نيّتي فيك.
فقال لي: بارك الله عليك.
فما حلفت بعد ذلك بارّا ولا حانثا، وما عققت والديّ، وما عاقني أحد من أولادي.
مات إبراهيم بن شيبان [٣٦ أ] سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة.
١٧١ - إبراهيم بن صالح العبّاسيّ [- ١٧٦] (١)
إبراهيم بن صالح بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلب بن هاشم.
(١) الوافي ٦/ ٢١ (٢٤٥٠) - تهذيب ابن عساكر ٢/ ٢٢٢ - النجوم الزاهرة ٢/ ٨٣ - ابن أبي أصيبعة ٤٧٥ (صالح بن بهلة) - القفطيّ، ٢١٥ - الكندي، ١٢٣، أعلام النبلاء ٨/ ٢٤٣ (٦٧).