للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرد في منبته، قد تساعدت عليه السعود في فلك البروج حولا كاملا، يؤلّفه مختلف أركانها، ومتباين أنوائها وأنحائها، وتؤيّده بقواها وجواهرها، حتّى غذته علقا في الثرى معرقا، وأرضعته ناجما، وسقته مكعبا، وأروته مقضبا، وأظمأته مكتملا، ولوّحته مستحصدا، وجلّلته بهاءها، وألقت عليه عنوانها، وأودعته أعراقها وأخلاقها، حتّى إذا شقّ بازله، ورقّت شمائله، وابتسم عن رشائه (١) وناد (٢) من لحائه، وتعرّى عنه ثوب المصيف، بانقضاء الخريف، وانكشف عن لون البيض المكنون، والصدف المخزون، ودرّ البحار، وفتاق الجمار، وريئ منه يقق العاج بنقبة (٣) الديباج، وقميص الدرّ بطراز النسّاج، فاجتمعت له زينة الأيدي البشرية إلى الأيدي العلويّة، والأنساب الأرضيّة إلى الأنساب السمائيّة.

فلمّا قادته السعادة إليّ، ورأيته نسيج وحده في الأقلام، رأيت أولى الناس به نسيج وحده في الأنام، فآثرتك به مؤثرا للنصفة، عالما بأنّ زين الجياد فرسانها، وزين السيوف أقرانها، وزين بزّة لابسها، وزين أداة ممارسها، فالآن أعطيت القوس باريها، وزناد المكارم موريها، والصمصامة مصلتها، والقناة معملها، وحلّة المجد لابسها.

٢٧٥ - ابن مرزوق الكاتب [٥٧٧ - ٦٥٩] (٤)

إبراهيم بن عبد الله بن هبة الله بن أحمد بن

عليّ بن مرزوق، الصاحب صفيّ الدين، أبو إسحاق العسقلانيّ، الكاتب، التّاجر.

ولد في رجب سنة سبع وسبعين وخمسمائة.

سمع من أبي محمد عبد الله بن محمد بن مجلّي، وأجاز له جماعة.

روى عنه الأبيورديّ.

ووزر بدمشق للأشرف موسى ابن العادل. فلمّا استولى الملك الجواد يونس على دمشق في سنة ستّ [٤٨ أ] وثلاثين وستّمائة، قبض عليه وأخذ منه خمسمائة ألف دينار، وسلّمه إلى المجاهد أسد الدين شيركوه صاحب حمص. فجعله في مطمورة ألف يوم، لأنّ الأشرف عند وفاته أراد أن يعطي دمشق للمجاهد [أسد الدين المذكور] نكاية في أخيه الملك الكامل، فقال له ابن مرزوق: «سألتك بالله لا تفعل هذا مع أهل دمشق وتبليهم بظلم أسد الدين» وردّ [هـ] عن ذلك. فحقدها [شير كوه] عليه. ثم إنّ الله خلّصه فصار إلى القاهرة وصار مشيرا. ثمّ صودر فيما بقي له.

وتوفّي بمصر يوم الأحد ثاني عشر ذي القعدة سنة تسع وخمسين وستّمائة.

وكان أحد الرؤساء المعروفين بالثروة وسعة ذات اليد. وكان من ذوي الهمم العالية، وله متاجر مستكثرة جدّا. وفيه عقل ودين وتواضع، وكان يركب حمارا.

٢٧٦ - أبو إسحاق الخفّاف [- ٢٠٥]

إبراهيم بن عبد الله، أبو إسحاق، الخفّاف، مولى تجيب.

حدّث عن عبد الله بن عمران بن بكير.

توفّي في جمادى الأولى سنة خمس ومائتين.


(١) الرّشاء ج أرشية: خيوط النبات إذا امتدّت. وفي المخطوط: غشائه.
(٢) ناد ينود: تمايل. وفي المخطوط: نادى.
(٣) النقبة: ثوب كالإزار، واللون أيضا.
(٤) الوافي ٦/ ٣٩ (٢٤٧٣)، ذيل مرآة الزمان للقطب اليونينيّ ٢/ ١٢٦، شذرات ٥/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>