للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واجتهد في المراكب الحربيّة وأطافها بالجزيرة واستعدّ غاية الاستعداد. فأقام موسى بالرقّة عشرة أشهر، وأحمد بن طولون في إحكام أموره.

فاضطرب أصحاب موسى عليه. ثمّ إنّه مات في صفر سنة أربع وستّين. ومات ماجور في دمشق، وخلفه ابنه عليّ بن ماجور، وهو صبيّ. فخلا [٨٨ أ] ذرعه لوفاة عبد الله بن يحيى وموسى بن بغا وماجور. وتحرّك للمسير إليه وكتب إلى [ابن ماجور] أن يجهّز الإقامات والأنزال لميرة العساكر فأجاب أحسن جواب.

[[جامع أحمد بن طولون]]

وبنى أحمد الجامع بجبل يشكر لشكوى أهل مصر من ضيق الجامع يوم الجمعة بالجند والسودان. فكان الابتداء في بنائه من سنة أربع وستّين إلى أن انتهى في سنة ستّ وستّين.

وعسكر (١) بمنية الأصبغ، واستخلف ابنه العبّاس على مصر، وضمّ إليه أحمد بن محمد الواسطيّ.

فسار إلى الرملة، وأقيمت له بها الدعوة ومضى إلى دمشق فتلقّاه عليّ بن ماجور، وأقام له الدعوة بها، ثمّ استخلف عليها. ومضى إلى حمص فتسلّمها. ثمّ بعث إلى سيما الطويل وهو بأنطاكية يأمره بالدعاء له فامتنع. فسار أحمد إليه في جيش عظيم وقد تحصّن سيما. فحاصره أحمد ورماه بالمجانيق حتّى طال على أهل البلد فأدخلوه إليه في المحرّم سنة خمس وستّين، وقتل سيما وأخذ أمواله. ومضى إلى طرسوس فدخلها في ربيع الأول ومعه جمع كبير، فضاقت به وغلا السعر، ونابذه أهلها وأخرجوه.

فأتاه خبر عصيان ابنه العبّاس عليه فرجع إلى مصر وقدمها لأربع خلون من رمضان. فبعث إليه بكّار بن قتيبة القاضي بكتاب ألان فيه جانبه. فصار

إلى برقة ولقيه ثمّ عاد بغير طائل. فخرج بنفسه في مائة ألف. ثمّ عاد من الإسكندريّة لثلاث عشرة خلت من رجب، وأدخل بعد ذلك بالعبّاس مقيّدا لليلتين بقيتا من رجب سنة ثمان وستّين. ثمّ بعث بلؤلؤ غلامه على جيش إلى الشام، فكاتبه أبو أحمد الموفّق ورغّبه حتى خالف مولاه ولحق بالموفّق في جمادى الأولى سنة تسع وستّين. فبادر أحمد بن طولون وخرج في صفر سنة تسع رجاء أن يدرك لؤلؤ [ا]. وترك دمشق وعزم على المسير لمحاربة أهل طرسوس. فتلقّاه كتاب المعتمد يعلمه أنّه سائر إليه، فتوقّف.

[[موقفه من حوادث الخلافة ببغداد]]

وخرج المعتمد من العراق في زيّ متصيّد، وركب الطريق إلى الرقّة، فبلغ ذلك الموفّق، فبعث إليه إسحاق بن كنداج فخذله وقبض على من معه من القوّاد. وأحدر المعتمد من الحديثة إلى سامرّاء ووكّل به خمسمائة رجل. وعقد الموفّق لإسحاق بن كنداج على مصر، فبلغ ذلك أحمد بن طولون. فكتب إلى عمّاله بإحضار القضاة والفقهاء والأشراف، وكتب بخبر المعتمد وما فعل به. فقرئ كتابه بمصر، وفيه: أنّ أبا أحمد الموفّق نكث بيعة المعتمد وأسره وحرّس عليه في دار [أبي] أحمد بن الخصيب، وأنّ المعتمد قد صار من ذلك إلى ما لا يجوز ذكره وأنّه بكى بكاء شديدا.

فلمّا خطب الخطيب يوم الجمعة بمصر ذكر ما نيل من المعتمد وزاد في خطبته: اللهمّ اكفه من ظلمه وحصره، واستنقذه ممّن أسره، وجار عليه وقهره- يريد الموفّق. ثمّ دعا للمفوّض (٢) ولأحمد بن طولون فقط.


(١) في المخطوط: فعسكر.
(٢) المفوّض هو ابن المعتمد ووليّ عهده. والموفّق عمّ المفوّض.

<<  <  ج: ص:  >  >>