للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستمرّ فيما بعد إلى اليوم.

ولم يزل على وظيفة القضاء إلى أن صرفه الملك الناصر في يوم الأحد رابع عشر ربيع الآخر سنة عشر وسبعمائة بشمس الدين محمد بن عثمان الحريريّ.

فلم تطل أيّامه بعد صرفه، ومات في يوم الخميس ثاني عشر شهر رجب بعد عزله بقليل من الأيّام، ودفن بالقرافة.

وكان فاضلا في عمله، لم يسمع عنه أنّه قبل هديّة أحد، ولا راعى صاحب جاه، ولا خشي سطوة ملك، مع علوّ الهمّة [١٢٦ ب] وإقامة منار الشرع.

وكان سمحا يميل إلى الجود بطلاقة وجه ومحبّة في الفقراء.

ودرّس بالصالحيّة والناصريّة والسيوفيّة والأزكشيّة والجامع الطولونيّ.

ولمّا صرف عن القضاء تألّم لعزله، وأظهر القناعة بتدريس الصالحيّة [٧١ ب] والإقامة فيها.

فأخرجه الحريريّ منها بالنّقباء، فزاد به الألم ومرض ومات.

ويذكر أنّه لما حجّ سأل الله في الملتزم (١) حاجة في نفسه لم يطلع عليها أحدا من الناس، فجاءه فقير بعد مدّة فخلا به وقال: رأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلم في النوم وأمرني أن أجيء إليك وأقول لك: بأمارة ما سألت الله في الملتزم كيت وكيت، أعطني ما معك لأنفقه في مصالح ذكرها لي رسول الله.

فقال: هذه أمارة صحيحة- ثمّ أخرج له جميع ما كان عنده، وكان نحو مائة دينار وألف درهم، وقال: لو كان عندي أكثر، لدفعته إليك.

وذكر عنه أيضا أنّه شرب ماء زمزم لقضاء مصر، فرزقه.

وممّا يؤثر عنه أنّه كان له درج يكتب فيه جميع ما عليه من الدّين. فاتّفق أنّه لمّا مات أوفوا ما عليه. فجاء شخص وقال: لي عليه مائتا درهم.

فنظروا في الدرج فلم يجدوا شيئا، فقالوا له:

ما كتب لك شيئا.

فرآه بعض الفقهاء في النوم وهو يقول: أعطوا فلانا مائتي درهم، فإنّ له عليّ ذلك.

فقال له: لم لم تكتبها (٢) في الدرج؟

فقال: هي مكتوبة بخطّ دقيق.

فأصبح وطلب الدرج فوجده كما قال فأعطوا المائتين للمطالب.

٤١٠ - أبو العبّاس الفاروثيّ [٦١٤ - ٦٩٤] (٣)

[١٢٧ أ] أحمد بن إبراهيم بن عمر بن الفرج بن أحمد بن سابور بن عليّ بن غنيمة، العلّامة عزّ الدين، أبو العبّاس، ابن الإمام محيي الدين أبي محمد، الفاروثيّ، الواسطيّ، المقرئ، المفسّر، الفقيه الشافعيّ، الخطيب، الصوفيّ، أحد الأعلام.

ولد سنة أربع عشرة وستّمائة بواسط.

وقرأ القراءات على والده، وعلى الحسين ابن أبي الحسن بن ثابت الطّيبيّ، كلاهما عن أبي بكر ابن الباقلّاني.


(١) الملتزم من الكعبة أو المدعى أو المتعوّذ من الكعبة، ما بين الحجر الأسود والباب (ياقوت).
(٢) في المخطوط: لم لا كتبتها.
(٣) الوافي ٦/ ٢١٩ (٢٦٨٧) - غاية النهاية ١/ ٣٤ (١٤٠) - معرفة القرّاء الكبار ٢/ ٦٩١ (٦٦٢) - طبقات السبكي ٨/ ٦ (١٠٤٢) - البداية والنهاية ١٣/ ٣٤٢ - الدارس ١/ ٢٦٨ - شذرات ٥/ ٤٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>