للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للحسن بن هارون، وسلّم إليه أبو عبد الله أعنّة الخيل، وظهر من الاستتار وشهد الحروب وكان الظفر له فيها وغنم الأموال.

وانتقل إلى مدينة تازروت وخندق عليها، فزحفت قبائل الغرب إليها وقاتلوا أهلها عدّة وقائع كبيرة ظفر بهم فيها أبو عبد الله، وصارت إليه أموالهم فاستقام له أمر البربر عامّة.

وزحف إلى مدينة ميلة وقاتل أهلها قتالا شديدا حتى طلبوا الأمان، فأمّنهم ودخلها. فبعث إليه إبراهيم بن أحمد بن الأغلب أمير إفريقيّة ابنه الأحول (١) في اثني عشر ألفا وتبعه مثلهم فقاتلهم أبو عبد الله فهزموه وكثر القتل في أصحابه وتبعه الأحول، فسقط ثلج عظيم حال بينهم وبينه، وسار إلى جبل إيكجان، وأحرق الأحول مدينة تازروت ومدينة ميلة.

وبنى أبو عبد الله بإيكجان دار هجرة فقصده أصحابه، وعاد الأحول إلى إفريقيّة، فسار أبو عبد الله بعد رحيله.

واتّفق [٤٤٠ ب] موت إبراهيم بن الأغلب وقتل ولده أبي العبّاس وولاية زيادة الله (٢) واشتغاله باللهو. فخرج الأحول بجيش كبير يريد أبا عبد الله فهزمه. وعاد فقتله زيادة الله. فقوي شأن أبي عبد الله وانتشرت جيوشه في البلاد، وقال:

المهديّ يخرج في هذه الأيّام ويملك الأرض، فيا طوبى لمن هاجر إليّ وأطاعني!

وجعل يغري الناس بزيادة الله ويعيبه. وكان مع

ذلك وزراء زيادة الله شيعة لا يسوءهم ظفر أبي عبد الله، بل كانوا قد تشوّفوا إلى ظهور المهديّ، وأبو عبد الله يرسل إليهم ويعدهم.

وبعث برجال من كتامة يثق بهم إلى عبيد الله المهدي وهو بسلميّة من بلاد الشام ليخبروه بما فتح الله وأنّهم ينتظرونه، فساروا إليه وأخبروه بماكان من أمر أبي عبد الله فخرج من سلميّة ومعه ابنه أبو القاسم محمد نزار ومعه أيضا أبو العبّاس محمد [ ... ] بن عبد الله (٣) وأمواله ومواليه، ومرّ بمصر في زيّ التجّار حتى انتهى إلى سجلماسة فقبض عليه صاحبها اليسع بن مدرار وحبسه.

[[انتصار الداعي]]

وخرج أبو عبد الله في العساكر ففتح ميلة وغيرها من المدائن، فجهّز زيادة الله العساكر لقتال أبي عبد الله، وقدّم عليها إبراهيم بن حبشي (٤) أحد أقربائه، فتوجّه إليه في نحو من ثمانين ألفا، وأبو عبد الله متحصّن في الجبال لا يخرج إليه. فطمع فيه إبراهيم وزحف إليه بالعساكر. فأخرج أبو عبد الله خيلا انتقاها فعاجلها إبراهيم بالحرب، ولم يصحبه أحد من أصحابه، وكانت أثقال عسكره كما هي على ظهور الدوابّ والجمال. ونشبت الحرب فزحف أبو عبد الله بالعساكر على إبراهيم، فوقعت الهزيمة عليه وعلى أصحابه، وجرح إبراهيم وعقر فرسه ولم ينج إلّا بعد الجهد. واستمرّت الهزيمة عليه فأسلموا الأثقال والأموال والعدد والسلاح، وأبو عبد الله في طلبهم يومه ذلك وإلى الغد، فقتل منهم خلقا كثيرا. وكانت هذه الواقعة قاصمة


(١) هو أبو حوال محمد أبو عبد الله «ولم يكن أحول» (افتتاح الدعوة ١٣٨، وانظر عيون الأخبار ٩١ هامش ٢٠، وص ١١٠ هامش ٥٣)، وهنا التباس في اسم أمير إفريقيّة: إبراهيم بن أحمد أم ابنه عبد الله بن إبراهيم؟
(٢) جمع المقريزيّ أحداثا دارت في سنتين، بين ٢٨٩ و ٢٩٠ (انظر ابن الأثير، الكامل ٦/ ١٠٣).
(٣) الكامل ٦/ ١٢٩ (سنة ٢٩٦).
(٤) ابن حبيش في المخطوط، والإصلاح من الإمارة الأغلبيّة ومن عيون الأخبار.

<<  <  ج: ص:  >  >>