أبوه حواريّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأحد العشرة المشهود لهم بالجنّة وأحد أصحاب الشورى.
وجدّته لأبيه صفيّة بنت عبد المطّلب عمّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وأمّه أسماء ذات النطاقين بنت أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه.
وخالته أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها. فهو ابن عجز الجنّة. وأعرق الناس في صحبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
هاجرت أمّه أسماء من مكّة إلى المدينة وهي حامل به فولدته سنة اثنتين من الهجرة لعشرين شهرا من التاريخ- وقيل: بل ولد في السنة الأولى من الهجرة، فإنّه أوّل مولود ولد في الإسلام من المهاجرين بالمدينة. وهو أسنّ ولد الزبير، وبه كان يكنّى. وقيل له لمّا قام بمكّة: عائذ البيت.
وكانت ولادته تعبا فأتت به أمّه أسماء رضي الله عنها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فوضعته في حجره فدعا بتمرة فمضغها ثمّ تفل في فيه، فكان أوّل شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ثمّ حنكه بالتمر ثمّ دعا له وبرّك عليه. ففرح به المهاجرون فرحا شديدا. وذلك أنّهم بلغهم أنّ اليهود سحرتهم فلا يولد لهم.
وكنّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم باسم جدّه أبي أمّه أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه وسمّاه عبد الله.
وبايع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو ابن ثماني سنين فضحك له عليه السلام وتعجّب منه.
ولم يكن أحد أحبّ إلى عائشة رضي الله عنها بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبعد أبي بكر رضي الله عنه من عبد الله بن الزبير لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كنّاها به، وكان في حجرها، وإليه أسندت وصيّتها عند موتها.
ولم يزل بالمدينة حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وخلافة أبي بكر وعمر بن الخطّاب رضي الله عنهما.
وشهد وقعة اليرموك مع أبيه.
وتولّى نسخ القرآن في المصاحف، ومعه زيد بن ثابت، وسعيد بن العاصي، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، في خلافة عثمان رضي الله عنه.
[[مشاركة عبد الله بن الزبير في فتح إفريقية]]
فلمّا بعث عثمان رضي الله عنه في خلافته إلى إفريقية عبد الله بن سعد بن أبي سرح أمير مصر، التقى جرجير ملك إفريقية مع المسلمين وهو في مائة وعشرين ألفا وقاتلهم عدّة أيّام [و] انقطع خبر المسلمين عن عثمان فسيّر عبد الله بن الزبير في جماعة ليأتيه بالخبر. فسار مجدّا حتى مرّ بمصر، ووصل إليهم وأقام معهم. فكبّر المسلمون عند قدومه تكبيرا كثيرا واشتدّ صياحهم، فسأل جرجير عن الخبر فقيل: «قد أتاهم عسكر»، ففتّ ذلك في عضده.
ورأى عبد الله بن الزبير قتال المسلمين كلّ يوم من بكرة النهار إلى الظهر (١*) فإذا أذّن الظهر عاد [١٤١ ب] كلّ فريق إلى خيامهم. وشهد القتال من الغد ولم ير ابن أبي سرح معهم فسأل عنه فقيل إنّه سمع منادي جرجير يقول: «من قتل عبد الله بن سعد فله مائة دينار، وأزوّجه ابنتي»، فهويخاف.
فحضر عنده وقال له: تأمر مناديا ينادي: «من أتاني برأس جرجير نفّلته مائة ألف وزوّجته ابنته واستعملته على بلاده». ففعل ذلك فصار جرجير يخاف أشدّ من ابن أبي سرح.
ثمّ قال ابن الزبير لابن أبي سرح: إنّ أمرنا يطول مع هؤلاء، وهم في أمداد متّصلة، وبلاد هي لهم، ونحن منقطعون عن المسلمين وبلادهم.
(١*) الكامل تحت سنة ٢٦.