وأنصحه ولا أغشّه، وأوفّي له بيعته وولايته، ولا أغدر ولا أنكث، وأنفّذ كتبه وأموره وأحسن مؤازرته ومكاتفته، وأجاهد عدوّه في ناحيتي بأحسن ما وفى لي وشرط لي ولعبد الله هارون أمير المؤمنين وسمّي لي في الكتاب الذي كتبه أمير المؤمنين لي ورضي به هارون أمير المؤمنين وقبله ولم ينقض شيئا من ذلك، ولا ينقض أمرا من الأمور التي اشترطها لي عليه أمير المؤمنين.
وإن احتاج محمد ابن أمير المؤمنين إلى أجناد من جنودي وكتب إليّ بأشخاصهم إلى ناحية من نواحيه، أو إلى عدوّ من أعدائه خالفه أو أراد نقض شيء من سلطانه وسلطاني الذي أسنده هارون أمير المؤمنين إلينا وولّانا، [فله عليّ] أن أنفّذ أمره ولا أخالفه ولا أقصّر في شيء إن كتب به إليّ.
وإن أراد محمد ابن أمير المؤمنين أن يولّي رجلا من ولده العهد والخلافة، فله ذلك ما وفّى لي بما جعل لي هارون أمير المؤمنين واشترط لي عليه، وشرطه على نفسه في أمري. وعليّ إنفاذ ذلك والوفاء له بذلك، ولا أنقض ذلك ولا أغيّره ولا أبدّله ولا أقدّم قبله أحدا من ولدي ولا قريبا ولا بعيدا من الناس أجمعين، إلّا أن يولّي هارون أمير المؤمنين من ولده العهد من بعدي، فيلزمني ومحمّدا الوفاء بذلك.
وجعلت لأمير المؤمنين هارون ولمحمد ابن أمير المؤمنين جميع ما اشترط لي هارون أمير المؤمنين عليه في نفسي، وما أعطاني أمير المؤمنين هارون من جميع الأشياء المسمّاة في هذا الكتاب الذي كتبه لي، عهد الله وميثاقه [١١٤ ب] وذمّة أمير المؤمنين وذمّتي وذمّة آبائي وذمم أمير المؤمنين وأشدّ ما أخذ الله على النبيّين والمرسلين وخلقه أجمعين من عهوده ومواثيقه والأيمان المؤكّدة التي أمر الله بالوفاء بها.
فإن أنا نقضت شيئا ممّا شرطت وسمّيت في كتابي هذا أو غيّرت أو بدّلت أو نكثت أو غدرت، فبرئت من الله ومن ولايته ومن دينه ومن محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولقيت الله يوم ألقاه كافرا به مشركا.
وكلّ امرأة هي اليوم لي أو أتزوّجها إلى ثلاثين سنة طالق البتّة طلاق الحرج.
وكلّ مملوك لي اليوم أو أملكه إلى ثلاثين سنة أحرار لوجه الله.
وعليّ المشي إلى بيت الله الحرام إلى مكّة ثلاثين حجّة نذرا واجبا عليّ في عنقي حافيا راجلا، لا يقبل الله منّي إلّا الوفاء به. وكلّ مال هو لي اليوم أو أملكه إلى ثلاثين سنة هدي بالغ الكعبة.
وكلّ ما جعلت لمحمد بن هارون أمير المؤمنين وشرطت في كتابي هذا لازم لي، لا أضمر غيره ولا أنوي سواه.
شهد فلان وفلان.
[[مرض الرشيد وموته]]
فلمّا تمّ ذلك قال الناس: قد ألقى بينهما شرّا وحربا- وخافوا عاقبة ذلك، وكان ما خافوه.
ثمّ إن الرشيد في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين ومائة شخص إلى الريّ ومعه المأمون، وأشهد على نفسه من عنده من القضاة والفقهاء أنّ جميع ما في عسكره من الأموال والخزائن والسلاح والكراع وغير ذلك للمأمون، وليس له فيه شيء. وجدّد له البيعة عليهم، وأرسل إلى بغداد فجدّد له البيعة على محمد الأمين، وجعل للمأمون خراسان وسجستان وجرجان وطبرستان ورويان ودنباوند والريّ خمسين سنة. فعظم ذلك على الأمين وحسده.
ثمّ إنّ الرشيد سار من الرقّة في سنة اثنتين