للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان معكم كتب، فهاتوها، أو مشافهة فقولوها!

فبهتوا لذلك. ولم يجدوا بدّا من تسليمهم الكتب إلى النصرانيّ. فغاب عنهم إلى آخر النهار، وأتاهم بكتاب مختوم، وقال لهم:

السلطان يسلّم عليكم، ويقول لكم: كونوا مقيمين على غزّة حتّى يأذن لكم أو يحضر إليكم، وأن يقيم قماري على الصافية (١).

[[مبايعته بالسلطنة وهو بالكرك]]

فساروا وقد ندموا على ما كان منهم، فأقاموا حيث أمروا. وكتبوا إلى آي دغمش بما جرى لهم، فكتم ذلك. وكتب إلى قطلوبغا الفخريّ يعرّفه بما اتّفق للأمراء مع الناصر، ويؤكّد عليه في سرعة حضوره بالسلطان. وبعث أحمد أيضا إلى قطلوبغا الفخريّ كتابا صحبة [٤٧ ب] رجل كركيّ يعلمه بقدوم الأمراء إليه وأنّه لم يجتمع بهم، وأنّه في انتظار قدوم الأمير طشتمر، يعني حمّص أخضر (٢)، نائب حلب، وكان قدم دمشق. فشقّ أيضا عليهما ورود كتابه على يدي كركيّ. وكتب إليه قطلوبغا يعلمه بوصول طشتمر إليه، ويستحثّه في المسير إلى دمشق، ليسير بالعساكر في خدمته حتى يجلس على تخت الملك وسرير السلطنة بقلعة الجبل على العادة. فأعاد الجواب بأن يلتقوه على غزّة. فخرجوا من دمشق على غاية الحنق لضياع تعبهم في تجهيز شعار السلطنة وتعبئة شارة الملك، حتّى قدموا غزّة في جمع كبير. فتلقّاهم الأمير جنكلي، ومن معه من الأمراء وأقاموا بها جميعا. وكتب الأمير قطلوبغا الفخري، والأمير طشتمر حمّص أخضر إلى الأمير آي دغمش أمير آخور بتحليف الأمراء والعسكر للسلطان الملك

الناصر أحمد، فحلّفهم على العادة، وحملت نسخ الأيمان إلى الكرك، وكتب باستحثاثه على التوجّه، وأنّ العساكر على غزّة. وسار إليه الأمير قماري من غزّة، ويحيى بن ظهيربغا (٣)، بكتب الأمراء من مصر، فجرى على عادته وتركهما خارج مدينة الكرك يومين، وأخرج لهما في اليوم الثالث كاتبا نصرانيّا، ومعه أبو بكر البازدار، ويوسف بن البصارة- وكانوا أخصّ من عنده- ليأخذوا ما معهما من الكتب. فقال قماري: معنا مشافهة من الأمراء، ولا بدّ من حضورنا بين يديه.

فقالوا: لا يمكن الاجتماع بالسلطان- وأخذوا الكتب، وأعادوا الجواب من الغد مختوما، وأعلموا يحيى بن ظهيربغا أن [١٣٥ ب] يتوجّه إلى الأمراء بغزّة، فتوجّها وفي أنفسهما (٤) ما لا يوجد فإذا في كتابه على الأمراء بغزّة أن يسيروا إلى مصر، وأنّه يسبقهم إليها بمفرده. فاشتدّ عليهم ذلك، وهمّوا بنقض ما أبرموه له. فما زال بهم طشتمر حتّى ساروا، وقد كتبوا إلى آي دغمش بما وقع لهم، وكان قد بعث ابنه بالخيول السلطانيّة إلى الكرك، فبعث أحمد من أخذها منه، وردّه من غير أن يجتمع به. فعند قدومه من الكرك، وصل أبو بكر البازدار ويوسف بن البصارة (٥) إلى آي دغمش يعلما [ن] هـ بركوب السلطان الهجن وتوجّهه على البرّيّة، وأنّه يقدم مساء أو صباحا.

فشقّ عليه ذلك، وخلع عليهما هو والأمراء، وذلك يوم الاثنين خامس [٤٨ أ] عشرين رمضان سنة اثنتين وأربعين.


(١) لم نجد الصافية بالشام.
(٢) حمّص أخضر: هو طشتمر السّاقي النّاصريّ. له ترجمة في الدرر (٢٠١٧).
(٣) في النجوم ١٠/ ٥٧: ابن طايربغا صهر الأمير آي دغمش.
وفي السلوك ٢/ ٦٠٠: طايربغا صهر السلطان.
(٤) التثنية لقماري ويحيى.
(٥) في السلوك ٢/ ٦٠٠: يوسف بن البصال ثمّ ابن البصارة ص ٦٥٤. وفي النجوم ١٠/ ٥٧: ابن النصّال.

<<  <  ج: ص:  >  >>