للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنّه كان يخفي شخصه فلا يعرف. وأقام بحلب مدّة ونفق على إيلغازي صاحبها، وأراد إيلغازي أن يعتضد به لاتّقاء شرّه وشرّ أصحابه، فإنّهم كانوا يقتلون كلّ من خالفهم. وأشار إيلغازي على طغدكين صاحب دمشق بأن يجعله عنده لهذا السبب، فقبل رأيه وأخذه إليه. وأظهر حينئذ شخصه بدمشق وأعلن بدعوته، وكثر أتباعه من كلّ من يريد الفساد والشرّ. وأعانه الوزير كمال الدين أبو عليّ طاهر بن سعد المزدقانيّ (١) قصدا للاستعانة به على ما يريده. فعظم شرّ بهرام واستفحل أمره في سنة عشرين وخمسمائة، وصار أتباعه أضعاف ما كانوا. إلّا أنّه خاف عامّة دمشق لفظاظتهم وغلظتهم، فطلب من أتابك طغدكين حصنا يأوي إليه هو وأتباعه، فأشار عليه الوزير طاهر بتسليم حصن بانياس إليه، فسلّمه إليه في ذي القعدة من السنة المذكورة وسار إليه. فاجتمع أصحابه عنده من كلّ ناحية، وملك عدّة حصون، منها القدموس.

وأقام خليفته بدمشق يدعو إلى مذهبه، فكثر وانتشر، وعظم خطبه وحلّت المحنة بظهوره.

واشتدّ الحال على الفقهاء والعلماء وأهل الدين، إلّا أنّهم لا يقدرون على أن ينطقوا فيه بحرف واحد، خوفا من سلطانهم ومن شرّ الإسماعيليّة.

فلم يقدر أحد على إنكار هذه الحالة. وشرع أصحاب بهرام في قتل من يعاندهم ومعاضدة من يؤازرهم بحيث لا ينكر عليهم أمير ولا وزير.

فلمّا مات ظهير الدين طغدكين أتابك دمشق في صفر سنة اثنتين وعشرين [وخمسمائة] وقام من بعده ابنه تاج الملوك بوري في سلطنة دمشقأقرّ الوزير طاهر المزدقانيّ على وزارته. وبثّ بهرام دعاته من بانياس في سائر الجهات فاستغووا خلقا كثيرا، وامتدّت أيديهم وألسنتهم إلى الأخيار، وقتلوا كثيرا من الناس تعدّيا وظلما. وأعانه الوزير بغير رضى تاج الملوك.

فلمّا أراد الله إنفاذ أمره في بهرام خدع برق بن جندل مقدّم وادي التّيم حتى وقع في يده فقتله صبرا. وتألّم الناس لقتله وأعلنوا بلعن قاتله عامّة.

فحنق صخر (٢) بن جندل لقتل أخيه وثار في أخذ ثأره، وجمع لقتال بهرام. فخرج إليه وقاتله بوادي التّيم فقتل بهرام ومن معه في يوم الجمعة سابع ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، وحمل رأسه وخاتمه إلى القاهرة (٣)، فخلع على من أحضره، وأنعم عليه بمال جزيل.

٩٩٠ - قاضي القضاة بهرام الدميريّ [(٧٣٤) - ٨٠٥] (٤)

[٢٦٨/ ب] بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر بن عوض، قاضي القضاة، تاج الدين، أبو البقاء، الدميريّ، المالكيّ.

أخذ الفقه عن الشيخ خليل وغيره وبرع فيه حتى صار من أئمّة المالكيّة بديار مصر، وأفتى، ودرّس بالشيخونيّة والحجازيّة. وناب في الحكم عدّة سنين. فلمّا مات قاضي القضاة جمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن خير، ولي بهرام قضاء


(١) ترجم المقريزيّ في هامش الصفحة للمزدقاني ولكنّه شطّب عليها لأنّه غلط في الشخص فصاحبه أحمد بن أسعد أبو الفضل- وقد ترجم له الصفدي في الوافي ٦/ ٢٤٥ (٢٧٢٤) بعنوان «ابن كريم الملك» - وصاحبنا هو أبو عليّ طاهر بن سعد.
والمزدقان: بليدة من قهستان عند السلفي (معجم السفر ص ١١٥). وبلدة من نواحي الريّ عند ياقوت.
(٢) في الذيل ٢٢٢: الضحّاك بن صخر.
(٣) فبهذا استحقّ ترجمته في المقفّى: دخل مصر برأسه.
(٤) المنهل ٣/ ٤٣٨ (٧١٣)؛ الضوء اللامع (٣/ ١٩) (٩٦)؛ السلوك ٣/ ١١٠٨؛ النجوم ١٣/ ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>