للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن معين: كان رجل سوء خبيثا، لا تصحّ له صحبة. وقال الهيثم بن عديّ: لم يكن في بني عامر بن لؤي أخبث من بسر ولا أسوأ منه.

ولد قبل وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسنتين، ما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولا سمع منه. وأخرج له الإمام أحمد [بن حنبل] في المسند حديثين.

[[شهد فتح مصر]]

ويقال إنّه أحد الذين بعثهم عمر بن الخطّاب رضي الله عنه مددا لعمرو بن العاص، وشهد فتح مصر بلا خلاف واختطّ بها دارا وحمّاما. ولمّا وقعت فتنة عثمان رضي الله عنه، لحق بمعاوية بن أبي سفيان وصار من شيعته وخرج معه إلى صفّين، فاستعمله على السّاقة حين كتّب الكتائب بصفّين [ف] استعمله على رجّالة أهل دمشق، فقال لمعاوية: أنا لعليّ.

فقال له: أنت له لولا تتيّعك وتسرّعك في الحرب.

فلمّا عيّن معاوية أصحابه لقتال أصحاب عليّ رضي الله عنه [٢٤٦ أ] ندب بسرا لقتال قيس بن سعد بن عبادة، فطعنه بسر واقتتلا ثمّ انصرفا، وقال بسر [الرجز]:

أنا ابن أرطاة عظيم القدر ... مردّد في غالب بن فهر (١)

ليس الفرار من طباع بسر ... أن يرجع اليوم بغير وتر

وقد قضيت في العدوّ نذري ... يا ليت شعري، ما بقي من عمري؟

ونظر معاوية وكان واقفا على التلّ ومعه وجوه قريش فقال: والله لقد دعاني عليّ للبراز حتى لقد

استحييت من قريش.

فقال له عتبة بن أبي سفيان: اله عن هذا كأنك لم تسمعه، فقد علمت إنّه لا أحد يعتريه إلّا قتله.

وإنّما أراد معاوية بقوله بسر بن أرطاة، فقال بسر: ما كان أحد أحقّ بمبارزته من بني حرب، فأمّا إذ أبيتموه فأنا له.

قال له معاوية: أما إنّك ستلقاه في العجاجة غدا في أوّل الخيل.

فأتى بسر [ا] ابن عمّ له فقال: أما تعلم أنّ معاوية الوالي، ثمّ من بعده عتبة، ثمّ من بعده محمد [أخوه]، فما يدعوك إلى ما أرى؟

قال: الحياء، خرج منّي شيء فأنا أستحي أن أرجع عنه، وهو الموت، لا بدّ والله من لقاء الله.

[قتاله لعليّ في صفّين]:

فاستقبل عليّا رضي الله عنه، فطعنه عليّ وهو لا يعرفه فألقاه برجله فانكشفت عورته (٢) فانصرف عليّ. فناداه الأشتر النخعيّ: يا أمير المؤمنين، إنّه بسر بن أرطاة!

قال: دعه لعنه الله!

فقال الأشتر [الرجز]:

أكلّ يوم رجل شيخ شاغرة ... وعورة وسط العجاج ظاهرة؟

أبرزها طعنة كفّ واترة ... عمرو وبسر رميا بالفاقرة

[٢٩٩ ب] وقام بسر من طعنة عليّ وولّت خيله.

ونادى عليّ: يا بسر، معاوية كان أحقّ بهذا منك.

فرجع بسر إلى معاوية، فقال له: ارفع طرفك يا بسر، فقد أدال الله عمرا منك.

فقال النضر بن الحارث السهميّ [الطويل]:


(١) وقعة صفّين ٤٨٧.
(٢) وكذلك جرى لعمرو بن العاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>