للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مولده في ليلة الخامس من شهر رجب سنة أربع وخمسين وستّمائة.

سمع من أحمد بن عبد الدائم وحدّث. وعانى الكتابة الديوانيّة، ثمّ ترك ذلك وتزهّد وانقطع بدمشق. فأقبل عليه أرباب الدولة والناس، وأقام على ذلك عدّة سنين.

ثمّ قدم إلى القاهرة [قبل نوبة غازان بقليل] (١) في سنة تسع وتسعين وستّمائة. فحسّن [له] الشهاب محمود [بن سلمان] والتقيّ [عبد الله ابن] تمّام الانقطاع في مكان وأنّهما يزيّنانه عند الناس، فاتّخذ زاوية على بركة الفيل، وشرع الرجلان يذكرانه بالصلاح حتى اشتهر، وتردّد إليه الأمراء بأسرهم حتى إنّ الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير كان ينزل إليه قبل سلطنته وصحبته الأمير برلغي (٢) في مطعم العسكر من الأمراء وغيرهم فيأكلون على سماطه ويمتثلون ما يأمر به ولا يتعدّون إشاراته مع عفّته عن أموالهم، بحيث إنّ القاضي كريم الدين الكبير أتاه بمفرده مع الأمير بيبرس ومعه مبلغ ألفي دينار ذهبا وجلسا معه في خلوة وقدّماه إليه، وعرّفه كريم الدين أنّ هذا من جهة حلّ وسألاه قبوله فامتنع أشدّ الامتناع ولم يقبل منه شيئا.

فعند ما عظم صيته وزادت مكانته كثر حسّاده فرموه بالميل إلى الأحداث فأخرج إلى القدس.

وتوفّي ليلة الأحد ثالث ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة.

وكان فاضلا كثير العبادة فيه إيثار وقضاء حوائج الناس.

ومن شعره [الكامل]:

قد كنت تبت عن الهوى ... لكنّ حبّك لم يدعني

٣٣٣ - أبو القاسم النصراباذيّ [- ٣٦٧] (٣)

إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمويه، أبو القاسم، الصوفيّ، الواعظ، النصرآباذي- نسبة إلى محلّة من محالّ نيسابور.

قدم مصر، وسمع بها أحمد بن عبد الوارث وأبا جعفر الطحاويّ.

وسمع بدمشق ونيسابور من أبي بكر بن خزيمة وغيره.

وسمع ببغداد ودمياط وحدّث.

[اشتغاله وتصوّفه]:

روى عنه أبو عبد الرحمن السلميّ (٤)، وأبو عبد الله الحاكم، في آخرين.

قال فيه أبو عبد الرحمن السلميّ: شيخ المتصوّفة بنيسابور، له لسان الإشارة مقرون بالكتاب والسنّة، يرجع إلى فنون من العلم كثيرة، منها حفظ الحديث وفهمه، وعلم التواريخ، وعلوم المعاملات والإشارات. لقي الشبليّ، وأبا عليّ الروذباريّ وغيرهما. سمعت أبا عمرو بن نجيد يقول: منذ عرفت النصرآباذي ما عرفت له جامكيّة. وسمعت جعفر بن أحمد يقول: ما أشبّه أوقاته وبكاءه إلّا ببكاء الشبليّ. وكان مع جلالته


(١) في المخطوط: وقرأ بجمل من عماران. ولم نفهمها.
والإصلاح من أعيان العصر.
(٢) هو برلغي الأشرفي زوج ابنته. انظر ترجمته رقم ٩١٧.
(٣) الوافي ٦/ ١١٧ (٢٥٤٩) - تاريخ بغداد ٦/ ١٦٩ (٣٢٢١) - شذرات ٣/ ٥٨ - الشعرانيّ ٧/ ١٢٢ (٢٣٩) - السلميّ ٤٨٤ - النجوم الزاهرة ٤/ ١٢٩ - طبقات الأولياء ٢٧ - تهذيب بدران ٢/ ٢٤٩.
(٤) صاحب طبقات الصوفيّة (ت ٤١٢) وهو: محمد بن الحسين بن محمد الأزديّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>