للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جئت إلى منزلي. ووجّهت إلى كاتب محمد بن الحسن بمائة دينار وقلت له: اجمع لي الورّاقين الليلة على كتب محمد بن الحسن وانسخها لي ووجّه بها إليّ.

فكتبت لي في ليلة ووجّه بها إليّ.

[تعريض الشيبانيّ بأهل الحديث وتصدّي الشافعيّ له]

ثمّ إنّا دخلنا في مجلس أنا ومحمد بن الحسن على هارون، وكان موضع على باب هارون يجلس فيه القضاة والأشراف ووجوه الناس إلى أن يؤذن لهم. فاجتمعنا في ذلك المكان، وفيه جماعة من بني هاشم وقريش والأنصار. (قال): والخلق يعظّمون محمد بن الحسن لقربه من أمير المؤمنين وتمكّنه منه. فاندفع يعرّض بي ويذمّ أهل المدينة فقال: من أهل المدينة؟ وإيش يحسنون، أهل المدينة؟ والله لقد وضعت كتابا على أهل المدينة كلّها لا يخالفني فيه أحد، ولو علمت أنّ أحدا يخالفني في كتابي هذا تبلغني إليه الرواحل، لضربت إليه حتى أردّ عليه.

قال الشافعيّ: قلت في نفسي: إن أنا سكتّ نكست رءوس من ههنا من بني هاشم وقريش، وإن أنا رددت عليه أسخطت عليّ السلطان. ثمّ إنّي استخرت الله تعالى في الردّ عليه فتقدّمت إليه فقلت: أصلحك الله، طعنك على أهل المدينة، وذمّك أهل المدينة، إن كنت أردت رجلا واحدا، وهو مالك بن أنس، فهلّا ذكرت ذلك الرجل بعينه ولم تطعن وتذمّ أهل حرم الله وحرم رسوله، وكلّهم على خلاف ما ادّعيت؟ وأمّا كتابك الذي ادعيت أنّك وضعته على أهل المدينة فكتابك من بعد «باسم الله الرحمن الرحيم»، خطأ إلى آخره:

قلت في مسألة كذا: كذا، وهو خطأ، وقلت في مسائل الحامل كذا وكذا، وهو خطأ، وقلت في شهادة القابلة كذا وكذا، وهو خطأ.

(قال): فاصفرّ محمد بن الحسن ولم يحر جوابا. وكتب أصحاب الأخبار إلى هارون بما كان، فقال: ماذا ينكر لرجل من ولد المطّلب أن يقطع مثل محمّد بن الحسن؟

(قال): فعارضني رجل في المجلس من أصحابه، فقال لي: ما تقول في رجل دخل إلى حقول رجل فرأى بطّة فرماها ففقأ عينها؟ ماذا يجب عليه؟

قلت: ينظر إلى قيمتها وهي صحيحة، وقيمتها وقد ذهبت عينها فيغرم ما بين القيمتين. ولكن، ما تقول أنت وصاحبك في محرم نظر إلى فرج امرأة فأنزل؟ (قال): - ولم يكن لمحمّد حذاقة بالمناسك- فصاح به محمّد وقال: ألم أقل لك:

لا [١٢٤ أ] تسأله؟

(قال): ثمّ إنّا دخلنا على هارون، فلمّا استوينا بين يديه، قال لي محمد بن الحسن: يا أبا عبد الله، تسأل أم أسألك؟

فقلت: ذاك إليك.

فقال: خبّرني عن صلاة الخوف، أواجبة هي؟

قلت: نعم.

قال: ولم؟

قلت: يقول الله تعالى: وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ... الآية [النساء: ١٠٢].

قال: ما تنكر من قائل قال لك: إنّما الله أمر نبيّه صلّى الله عليه وسلّم [وهو] فيهم، فلمّا زال عنهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم زالت عنهم تلك الصلاة.

قلت: وكذلك قال الله تعالى لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ... [التوبة: ١٠٣]، فلمّا أن زال عنهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم زالت عنهم الصدقة! ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>