للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال العبّاس الدوريّ: سمعت يحيى بن معين يقول: إبراهيم بن أدهم رجل من العرب من بني عجل، وحديثه ومناقبه كثيرة، وقد دوّنها العلماء.

دخل في سياحته إلى الإسكندرية، ولقي بها أسلم بن زيد الجهنيّ، وأخذ عنه كلاما.

وقال قتيبة: هو تميميّ كان بالكوفة. ويقال له:

العجليّ، كان بالشام.

وقال الفضل العلائيّ: أخبرني أبو محمد التماميّ أنّ إبراهيم بن أدهم خرج مع جهضم، من خراسان، هـ[ا] ربا من أبي مسلم فنزل الثغور، وهو من بني عجل.

وقال الفضل بن موسى: حجّ أدهم، أبو إبراهيم، بأمّ إبراهيم، وكانت حبلى، فولدت إبراهيم بمكّة. فجعل يطوف به على الخلق في المسجد ويقول: أدعوا لابني أن يجعله الله رجلا صالحا.

وقال أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيريّ: أبو إسحاق إبراهيم بن أدهم بن منصور من كورة بلخ، وكان من أبناء الملوك، فخرج متصيّدا، فأثار ثعلبا أو أرنبا، وهو في طلبه، فهتف به هاتف «ألهذا خلقت؟ أم بهذا أمرت؟ » ثمّ هتف به من قربوس سرجه: «والله ما لهذا خلقت، ولا بهذا أمرت! » فنزل عن دابّته، وصادف راعيا لأبيه، فأخذ جبّة الراعي، وكانت من صوف، ولبسها، وأعطاه فرسه، وما معه. ثم إنه دخل البادية، ثم دخل مكّة فصحب بها سفيان الثوري، والفضيل بن عياض (١).

ودخل الشام ومات بها. وكان يأكل من عمل يده مثل الحصاد وحفظ البساتين وغير ذلك. وإنه رأى في البادية رجلا علّمه اسم الله الأعظم.

وكان إبراهيم بن أدهم كبير الشأن في باب الورع. يحكى عنه أنه قال: أطب (٢) مطعمك، ولا عليك أن لا تقوم بالليل ولا تصوم بالنهار.

قال: وكان عامّة دعائه: اللهمّ انقلني من ذلّ معصيتك إلى عزّ طاعتك.

وقيل لإبراهيم بن أدهم: إنّ اللحم قد غلا.

قال: أرخصوه! - أي لا تشتروه.

[[شروط الصلاح]]

وقال أحمد بن خضرويه: قال إبراهيم بن أدهم لرجل في الطواف: اعلم أنك لا تنال درجة الصالحين حتّى تجوز ستّ عقاب:

أوّلها: تغلق باب النعمة وتفتح باب الشدّة.

والثانية: تغلق باب العزّ وتفتح باب الذلّ.

والثالثة: تغلق باب الراحة وتفتح باب الجهد.

والرابعة: تغلق باب النوم وتفتح باب السهر.

والخامسة: تغلق باب الغنى وتفتح باب الفقر.

[٩ ب] والسادسة: تغلق باب الأمل وتفتح باب الاستعداد للموت.

وكان إبراهيم بن أدهم يحفظ كرما. فمرّ به جنديّ فقال: أعطنا من هذا العنب!

فقال: ما أمر بهذا صاحبه.

فأخذ يضربه بسوطه. فطأطأ رأسه وقال:

اضرب رأسا طالما عصى الله عزّ وجلّ.

فأعجز الرجل، ومضى.

وقال سهل بن إبراهيم: صحبت إبراهيم بن أدهم فمرضت. فأنفق عليّ نفقته. واشتهيت شهوة فباع حماره وأنفق عليّ. فلما تماثلت، قلت: يا إبراهيم، أين الحمار؟

قال: بعناه.


(١) الفضيل بن عياض (ت ١٨٧) - الأعلام ٥/ ٣٦٠.
(٢) عند الشريشيّ ٣/ ٩٦: طيّب.

<<  <  ج: ص:  >  >>