للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَؤُفٌ رَحِيمٌ [الحشر: ١٠]، فمن لم يقل هذا لم يستحقّ.

[[رواية أخرى لامتحانه عند الرشيد]]

وذكر أبو الفرج محمد بن إسحاق- المعروف بأبي يعقوب، النديم- في كتاب الفهرست، قال:

ظهر رجل من بني أبي لهب بناحية الغرب، فحمل إلى هارون الرشيد، ومعه محمّد بن إدريس الشافعيّ.

فقال الرشيد للهبي: سمت بك نفسك إلى هذا؟

قال: وأيّ الرجلين كان أعلى ذكرا وأعظم قدرا، أجدّي أم جدّك؟ أنت ليس تعرف قصّة جدّك وما كان من أمره وأسمعه كلّ ما كره، لأنّه استقبل (١). (قال) فأمر بحبسه. ثمّ قال للشافعيّ:

ما حملك على الخروج معه؟

قال: أنا رجل أملقت، وخرجت أضرب في البلاد طلبا للفضل، فصحبته لذلك.

فاستوهبه الفضل بن الربيع، فأقام بمدينة السلام مدّة ولزم محمد بن الحسن حتّى كتب كتبه اه.

وقال الربيع: سمعت الحميديّ يقول: لمّا أخذ حمّاد البربريّ الشافعيّ أحضره وأحضر جماعة معه، فكان يقوم الرجل عريانا في سراويل، فيقول أمير المؤمنين للفضل بن الربيع: «قل له يتكلّم».

فيقول له الفضل: «تكلّم! » فإذا تكلّم يقول:

«اضرب! » فيضرب عنقه، حتّى قام الشافعيّ عريانا في سراويل، وقد كان استطلق بطنه من الليل- وكان إذا انطلق بطنه عذب لسانه. فقال أمير المؤمنين للفضل: قل له يتكلّم!

فتكلّم الشافعيّ بكلام لم يسمع مثله. فعجب أمير المؤمنين من حسن كلامه، فقال للفضل:

ويحك! سمعت مثل هذا قطّ؟ قل له يعيد ما قال.

فأعاد عليه وزاد، فكان فيما قال له: أصلح الله أمير المؤمنين، لأن أكون مع قوم يرون أنّي من أنفسهم أحبّ إليّ من أن أكون مع قوم يرون أنّي عبد لهم.

[١٥٠ ب] قال: ألبسوه ثيابه! - وأجازه بعشرة آلاف دينار في منديل. فحملها وضرب خيمة فبقي يطعم الناس. ولم تقلع الخيمة، حتّى لم يبق معه منها شيء.

(قال): ورأيته في الحمّام وهو يجعل النخالة ليس فيها شيء إلّا الخشور (٢).

وقال المزنيّ: سمعت الشافعيّ يقول: بعث إليّ هارون الرشيد في الليل بالربيع، فقحم عليّ من غير إذن فقال: أجب!

فقلت له: في هذا الوقت، وبغير إذن!

قال: بذلك أمرت.

فخرجت معه، فلمّا صرت بباب الدار قال لي:

اجلس، فلعلّه قد نام أو قد سكنت سورة غضبه.

فدخل فوجد الرشيد منتصبا فقال: ما فعل محمّد بن إدريس؟

قال: قد أحضرته.

قال: فجئني به!

فخرجت فأدخلت إليه، فلمّا مثلت بين يديه تأمّلني ثمّ قال: يا محمّد، أرعبناك، فانصرف راشدا. يا ربيع، واحمل معه بدرة دراهم.

قلت: لا حاجة لي فيها.

قال: أقسمت عليك إلّا أخذته.

(قال): فحمل بين يديّ. فلمّا خرجت قال لي


(١) الرواية مضطربة، والإصلاح من الفهرست ٢٦٣.
ولم نفهم استقبل. نشر رضا تجدّد ٢٦٣.
(٢) الخشارة: فضلات المائدة، وأيضا ما لا لبّ فيه من الشعير. هذا، ولم نفهم: يجعل النخالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>