الأديب، سراج الدين، أبو الطاهر، الحميريّ، المهدويّ.
اشتغل [١٨٩ أ] على أبي الخير سلامة بن عبد الباقي النحويّ، والشريف النسّابة محمّد بن أسعد الجوّاني.
ورحل إلى بغداد وسمع بها. وكتب على ابن البرقطيّ.
وتوفّي بقرافة مصر في العشر الأوسط من ذي القعدة سنة خمس وثلاثين وستّمائة، وبها دفن.
٧٨٠ - المنصور العبيديّ [٣٠١ - ٣٤١]
إسماعيل بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن جعفر بن محمّد بن إسماعيل بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، الإمام المنصور بالله، أبو الطاهر، أمير المؤمنين، ابن الإمام القائم بأمر الله أمير المؤمنين أبي القاسم، ابن الإمام المهدي بالله أبي محمّد.
ولد برقّادة سنة إحدى وثلاثمائة، وهو الصحيح. وقيل: ولد بالعراق، وهو خطأ. وقيل:
ولد سنة اثنتين وثلاثمائة.
[تولّيه الخلافة بعد أبيه القائم]:
وأقام إلى أن أظهر القائم بأمر الله أمره وفوّض إليه عهده في يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. وكانت سنّه إذ ذاك ثلاثا وثلاثين سنة. فقال محمّد بن قاسم التونسي (١) من قصيدة [طويل]:
شهدت بأنّ الله بالغيب عالم ... وأنّ أمير المؤمنين موفّق
لقد كانت الأيام خرسا فأصبحت ... لها ألسن بالشكر لله تنطق
أمير تمنّته الإمامة مذ نشا ... وتصبو إلى أخلاقه وتشوّق
وكانت عيون الأمر من شفق على ... رقبة ترنو إليه فتطرق
وقالت فيه الشعراء فأكثرت.
ثمّ كان يوم الفطر من هذه السنة، فخرج، وهو وليّ العهد، من قصره، وقد حفّ به بنوه وإخوته وعمومته وجنده وعبيده وعامّة الناس يدعون له ويزدحمون عليه، فصلّى بالناس وصعد المنبر وخطب خطبة بليغة.
وتوفّي القائم بأمر الله لثلاث عشرة خلت من شوّال هذا [سنة ٣٣٤]. فكتم المنصور بالله موته ولم يظهر عليه حزنا، خوفا أن يتّصل ذلك بأبي يزيد مخلد بن كيداد النكّاري، وهو بالقرب منه، فيستأسد وتقوى عزيمته. فأبقى الأمور على حالها وأكثر العطايا والصلات، ولم يتسمّ بأمير المؤمنين فكانت كتبه تنفذ: من الأمير إسماعيل وليّ عهد المسلمين إلى أمير المؤمنين.
واستفتح أموره بإطلاق المحبوسين الذين حبسهم القائم بسبب القدح في الدولة، وقتل الرجال الذين كانوا يسعون في فساد الدولة وخراب المملكة. ووصل الفقراء والمساكين، ووجّه مراكب كثيرة مشحونة بالطعام إلى فقراء مدينة سوسة المستورين بها ففرّقت فيهم، لما قاسوه من حصار أبي يزيد، فاتّسع ببركة أيّامه الحاضر والبادي، والشاسع والداني. وأقرّ الأمور على حالها ولم يغيّر السكّة ولا البنود. وأقام على
(١) نشرنا ما عثرنا عليه من شعره في كتابنا: الأدب بإفريقيّة في العهد الفاطميّ. وانظر كذلك طبعتنا لكتاب الداعي إدريس: عيون الأخبار المعنون بتاريخ الخلفاء الفاطميّن بالمغرب، ص ٣٤٢.