وعن مجاهد قال: لمّا أمر الله تبارك وتعالى إبراهيم أن يؤذّن في الناس [٥ ب] بالحجّ قام على المقام فقال: يا عباد الله أجيبوا ربّكم.
فقالوا: «لبّيك اللهمّ لبّيك» فمن حجّ من الخلق فهو ممّن أجاب دعوة إبراهيم عليه السلام.
[سبب تسميته «خليل الرحمن»]:
وعن مجاهد: حجّ إبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام، وهما ماشيان. وجاء مرفوعا: ألا أخبركم لم سمّى الله إبراهيم خليله الذي وفّى؟ - لأنّه كان يقول كلّما أصبح وأمسى: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [الروم: ١٧] حتى يختم الآية. وفي رواية قال: وفّى: عمل يومئذ أربع ركعات من أوّل النهار، يعني: صلاة الضحى.
وعن الحسن قال: وفّى الله فرائضه.
وجاء مرفوعا أنّ الله اتّخذ إبراهيم خليلا لإطعامه الطعام.
وجاء أن الله أوحى إلى إبراهيم إنّي لم أتّخذك خليلا على أنّك أعبد عبادي، ولكنّي اطّلعت على قلوب الآدميّين فلم أجد قلبا أسخى من قلبك، فلذلك اتّخذتك خليلا.
وقيل: اتّخذه خليلا لطول قيامه بين يديه.
وقيل: لقيامه بين يدي الله في الصلاة. وعن وهب قال: لمّا اتّخذ الله إبراهيم خليلا كان يسمع [دقّات] قلبه عن بعد خوفا لله عزّ وجلّ.
وعن ابن عبّاس: لمّا اتّخذ الله إبراهيم خليلا [ ... ] له ثلاثمائة عبد أعتقهم وأسلموا فكانوا يقاتلون معه بالقسيّ. فهم أوّل موال قاتلوا مع مولاهم.
وفي صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ رجلا قال للنبي صلّى الله عليه وسلم: يا خير البشر- وفي رواية: يا خير البريّة- فقال: ذاك إبراهيم.
وجاء أنّ الله أوحى إلى إبراهيم عليه السلام: يا خليلي، حسّن خلقك ولو مع الكفّار، تدخل مداخل الأبرار، فإنّ كلمتي سبقت لمن حسّن خلقه أن أظلّه في ظلّ عرشي وأن أسقيه من حضيرة قدسي.
وجاء أنّه عليه السلام كان من أغير الناس، وأنّه كان يصوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر.
وعن الحسن في قوله: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً [لِلَّهِ حَنِيفاً] [النحل: ١٢٠] قال: الأمّة: الذي يؤخذ عنه العلم. وعن ابن عمر: الأمّة: الذي يعلّم الناس دينهم.
وعن ابن مسعود في قوله: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ [التوبة: ١١٤] قال: الأوّاه: الدعّاء. وقيل:
الخاشع. وقيل: المؤمن. وقيل: الرحيم. وقيل:
كان إذا ذكر النار قال: أوه! أوه! وقيل: الأوّاه:
المصدّق.
وقيل: كان إذا قال، قال لله، وإذا عمل عمل لله، وإذا نوى نوى لله.
وعن مجاهد في قوله: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ [الشعراء: ٨٤] قال: الثناء الحسن، فليس أمّة إلّا وهي تودّه.
وعن قتادة في قوله تعالى: وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الزخرف: ٢٨] قال:
التوحيد والإخلاص، لا يزال في ذرّيّته من يوحّد الله عزّ وجلّ.
وعن عطاء: كان إبراهيم عليه السلام إذا أراد يتغدّى طلب من يتغدّى معه ميلا في ميل. (قال) وأحبّ الطعام إلى الله ما كثرت فيه الأيدي.
وعن سعيد: أوّل من خبز الكعك إبراهيم الخليل، خبز للضياف. وكان إبراهيم يطعم طعامه فإذا أكلوا قال: هاتوا ثمنه! فيقولون: وما ثمنه؟