للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلمّا كان بعد عشر سنين من سكناه أرض كنعان ولد له إسماعيل من هاجر. وكانت سارة قد وهبتها له. وعمره يومئذ ستّ وثمانون سنة.

فلمّا أتى عليه تسع وتسعون سنة، أوحى الله إليه: إنّي مكثرك جدّا جدّا- فسجد لله. وجاءه الوحي وهو ساجد [ب] تثبيت عهد الله له، وأنّه يكون أبا لشعوب كثيرة. ووعده بأن يملك نسله من بعده دائما. وأمره بالختان وبشّره بولد من ساره. فاختتن إبراهيم وله تسع وتسعون سنة على ما ذكر في التوراة.

وخرّج مسلم في صحيحه عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنّه قال: «اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة».

ووقع في موطّإ مالك موقوفا على أبي هريرة:

وهو ابن مائة وعشرين سنة.

وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم هو الحقّ.

وختن ابنه إسماعيل، وله من العمر ثلاث عشرة سنة وعمر إبراهيم مائة سنة. فلمّا فطم صنع إبراهيم مأدبة عظيمة. وغارت سارة عند ذلك من هاجر. فأمرت إبراهيم أن يخرجها هي وابنها، فشقّ ذلك عليه. فأوحى الله إليه يأمره بطاعة سارة، ووعده أن يجعل من إسماعيل وإسحاق شعوبا كبارا. فأخرج خفية هاجر وابنها إسماعيل من عند سارة كما ذكر في ترجمة هاجر (١).

وامتحنه الله في ذبح ولده. وقد اختلف في الذبيح فقيل: إسحاق. وقيل: إسماعيل.

وماتت سارة فدفنها في مغارة حبرون حيث قبر الخليل اليوم، وتزوّج قطورا فولد لها منه ستّة أولاد، وهم: زمزوم، وبوقاشون، ومازون، ومزيون، ويشبون، وشوسخ.

ومات إبراهيم وعمره مائة وخمس وسبعون سنة فدفنه ابناه إسحاق وإسماعيل- بعد ما بعث إليه أبوه إبراهيم وهو مريض، وأقدمه من الحجاز- في مغارة حبرون حيث سارة مدفونة.

قال الحسن في قوله تعالى: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة: ١٢٤] قال: يقول: فعلمهنّ (قال) ابتلاه بالكواكب فرضي عنه. وابتلاه بابنه فرضي عنه. وابتلاه بالهجرة وابتلاه بالختان.

وقال قتادة عن ابن عبّاس: ابتلاه بالمناسك.

وعنه في قوله [تعالى]: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً [البقرة: ١٢٤] قال: يقتدى بهداك وسنّتك.

وعن سعيد بن المسيّب: كان إبراهيم عليه السلام أوّل من اختتن وأوّل من رأى الشيب. قال:

ربّي، ما هذا الشيب؟

قال: الوقار.

قال: زدني وقارا.

وكان أوّل من أضاف الضيف وأوّل من جزّ شاربه وأوّل من قصّ أظفاره وأوّل من استحدّ (٢).

ويروى أنه أوّل من لبس السراويل.

وقد جاء أنّه أنزلت عليه الصحف في ليلتين في شهر رمضان- وروي: في أوّل ليلة.

وعن ابن عبّاس في قوله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ [الحج: ٢٧] قال: لمّا أمر الله عزّ وجلّ إبراهيم أن يؤذّن في الناس بالحجّ قال: يا أيّها الناس، إنّ ربّكم اتّخذ بيتا وأمركم أن تحجّوه- فاستجاب له ما سمعه من حجر أو شجر أو أكمة أو تراب أو شيء فقالوا: لبّيك اللهمّ لبّيك! .


(١) ترجمة هاجر مفقودة.
(٢) استحدّ: حلق شعر العانة.

<<  <  ج: ص:  >  >>