للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلقيا محمد بن علي بن عبد الله فذاكراه أمرهم وسألاه أن يبعث إلى خراسان رجلا معهما.

[ف] كتب إلى أبي عكرمة الصادق- واسمه زياد بن درهم- وهو بالكوفة، فخرج معهما إلى خراسان. ويقال: بل كتب إلى ميسرة في توجيه رجل يثق به، فوجّه أبا عكرمة. فلمّا صار بخراسان اكتنى بأبي محمد وتسمّى «ماهان». فلم يزل حتى قدم أسد بن عبد الله، أخو خالد بن عبد الله القسريّ، واليا على خراسان من قبل أخيه في أيّام هشام بن عبد الملك. فسعى إليه جبلة بن أبي داود حسين بأبي عكرمة وأصحابه. فقتل أسد أبا عكرمة وضرب أبا داود خالد بن إبراهيم ألفا- ويقال ثلاثمائة- وأمر به فضرب حتّى عمش. ثم كلّم فيهم ورشا بعضهم حتّى تخلّصوا. ومكث محمد لا يبعث أحداسنة. ثم بعث أبا الحسن كثير بن سعد فأقام ثلاث سنين ثمّ قدم. فبعث محمد بن عليّ عمّار بن يزداد فتسمّى بخمّاش بن يزيد.

ويقال إنّ عمّارا هذا كان فاخرانيّا من أهل الحيرة نصرانيّا، ثم أظهر الإسلام وصار معلّما بالكوفة.

فلمّا مات ميسرة صيّر محمد بن علي بكير بن ماهان أبا هاشم مكانه- ويقال: بل صيّر سالما الأعمى أبا الفضل بالكوفة بوصيّة ميسرة، وصار بكير بعده بالكوفة فوجّه بكير عمّارا هذا، فغيّر سنن الإمام وبدّل ما كان من سيرة من قبله وحكم بأحكام منكرة مكروهة- فقيل: خدّش خدّاش الدين- ثم وثب به أصحاب محمد بن عليّ فقتلوه. ويقال: بل قتله أسد بن عبد الله وصلبه.

وكان هشام بن عبد الملك عزل خالدا فانصرف أسد عن خراسان معزولا وولّى هشام الجنيد [٦٦ ب] بن عبد الرحمن، ثم ولّى هشام أشرس بن عبد الله السلميّ، ثم عاصم بن عبد الله الهلالي.

ثم أعيدت خراسان إلى خالد بن عبد الله فولّى أسدا، فكان لا يظفر بداعية ولا مدعوّ إلّا ضرب عنقه وصلبه، حتى أخذ سليمان بن كثير، ومالك بن الهيثم، وموسى بن كعب، ولاهز بن قريط، وخالد بن إبراهيم، وطلحة بن رزيق. فأتي بهم فقال: يا فسقة، ألم أظفر بكم في مرّتي الأولى فعفوت عنكم؟ (١*).

فقالوا: والله ما نعرف إلّا طاعة أمير المؤمنين هشام، وإنّه لمكذوب علينا.

فدعا بموسى بن كعب فقال: يا ذا الثنايا، أعليّ تتوثّب، وفي سلطاني تدغل ثم تدعو هذه السّفلة إلى هذه الدعوة الضالّة؟

وألجمه بلجام حمار- ويقال بإيوان (٢*) - ثم أمر به فجذب حتّى حطّمت أسنانه، ثم أمر به فرتم (٣*) أنفه. وأمر بلاهز فضرب ثلاثمائة سوط وحبس.

ثم طلب فيهم نفر من الأزد وشهدوا لهم بالبراءة فخلّى سبيلهم.

وشخص بكير إلى خراسان فأصلح ما كان خدّاش أفسده، وردّ الناس إلى أمر الإمام وسنّته.

[أبو سلمة الخلّال]

فلمّا احتضر أوصى إلى أبي سلمة حفص بن سليمان الداعية مولى همدان (٤*)، وهو صهره، وكان صيرفيّا، ويقال: خلّالا. وكتب إلى محمد بن علي الإمام باستخلافه إيّاه لرضا [ئ] هـ مذهبه وثقته ونصيحته. فكتب إليه محمد بن علي بالقيام بما كان بكير بن ماهان يقوم به.


(١*) في المخطوط: فأعقوا ... وانظر الكامل ٤/ ٢٢٢.
(٢*) إيوان اللجام.
(٣*) رتمه بوزن ضرب: كسره أو دقّه.
(٤*) في المروج ٤/ ١١٥ (٢٣٤٧): مولى السبيع وفي المخطوط: سليمان بن حفص وسيأتي الاسم صحيحا في لوحة ٦٧ ب. والخلّال بائع الخلّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>