للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليك بالذهب فتأخذ، فيبلغ الخبر أستاذك فأكثر ما يصبر عليك لسنة ثم يعزلك. فلا تأخذ من أحد شيئا أبدا! فإنّ جميع ما تأخذه في السنة [ما] يكون خمسين ألف دينار، وأستاذك ينعم عليك في السنة بأكثر من مائة ألف دينار. ويبلغ أستاذك خبرك فتطول مدّتك.

فكان الأمير تنكز يقول: ما خلّاني نائيا هذه المدّة كلّها إلّا الأمير جمال الدين!

٨١٧ - آق بغا الحسنيّ [- بعد ٧٣٣] (١)

[٢١٥ أ] آق بغا الحسنيّ، الأمير علاء الدين، أحد المماليك الناصريّة محمد بن قلاوون. ربّاه صغيرا وقرب من قلبه وشغف به شغفا زائدا، فأعطاه إمرة بمصر وخوّله في نعم جزيلة. واستغرق أوقاته في اللهو، وأكثر من معاقرة الخمر، فكان لا يصحو ليلا ولا نهارا. ونهاه السلطان مرارا فلم ينته.

فلمّا خاف سطوة السلطان لما يعرفه من بغضه للخمر وشربتها، بذل مالا جزيلا للحكماء، وقد تمارض، على أن يقولوا: دواؤه في شرب الخمر-. فاحتمل السلطان شربه الخمر لذلك وسمح له بشربه، فأمن وانهمك فيه، وصار يعاشر العجم، ويعاني اللعب بأنواع السلاح. فلم يطق السلطان ذلك، وقبض على ثلاثة من العجم- عشرائه- وشنق أحدهم وكحّل واحدا، وقطع يد آخر ورجله. وحبس آق بغا في دار بالقلعة، ثم ضربه وخلّى سبيله ليسكن القاهرة بمفرده من غير أن يمكّنه من شيء من ماله. فأقام عريانا في تربة ستّة أيّام لا يتجاسر أحد على الوصول إليه إلّا سرقة في الليل. فقام الأمراء في أمره وما زالوا بالسلطان حتى أخرجه إلى دمشق على إمرة. وكتب إلى

نائب دمشق الأمير تنكز أنّه متى وجده يشرب يقبضه ويحبسه فسار من يومه، وذلك أثناء سنة سبع عشرة وسبعمائة (٢).

٨١٨ - آق بغا عبد الواحد [- ٧٤٤] (٣)

[٢١٥ ب] آق بغا الناصريّ، المعروف بآقبغا عبد الواحد، الأمير علاء الدين الأستادار.

قدم به التاجر عبد الواحد بن بدّال فاشتراه السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، وجعل [٢١٥ ب] اسم تاجره لقبا له. وحظي عنده وعمله من جملة الجمداريّة. ثمّ أقامه شادّ العمائر فنهض بما ندب إليه منها وقام به أتمّ قيام، زادت به مكانته وعظمت مهابته.

ثم ركب البريد مبشّرا بعافية السلطان من سقوطه في الصيد عن فرسه وكسر يده، فمضى إلى الشام وهو يومئذ رأس نوبة الجمداريّة في نصف جمادى الآخرة سنة ثلاثين وسبعمائة، فقدّم له النوّاب بغزّة وصفد ودمشق وحماة وطرابلس وحلب تقادم جليلة بلغت نحو المائة ألف دينار، لعلمهم بمنزلته من السلطان.

ثمّ ولي أستادارا في محرّم سنة اثنتين وثلاثين بعد موت الأمير مغلطاي الجمالي. وأضيف إليه تقدمة المماليك، فجعل عنبر السحرتيّ (٤) نائبه.

فلمّا قبض السلطان على عنبر السحرتيّ خلع على آق بغا عوضه لتقدّم المماليك في سنة خمس وثلاثين، وأذن له في عرض المماليك، فعرضهم واشتدّ عليهم. وما زال على مكانته حتى مات


(١) الدرر رقم ١٠٠٤. أعيان العصر ١/ ٥٤٩ (٢٩٣).
(٢) في أعيان العصر: جهّز إلى صفد في المحرّم سنة ٧٣٣.
(٣) الوافي ٩/ ٣٠٤ (٤٢٣٦)؛ الدرر رقم ١٠٠١؛ النجوم ١٠/ ١٠٧؛ المنهل ٢/ ٤٨٠ (٤٨٥).
(٤) عنبر السحرتي هو لالا- أي مربّى- الكامل شعبان.

<<  <  ج: ص:  >  >>