للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بستانه بخليج بني وائل خارج مدينة مصر، وكان العزيز بالله مبرزا بعين شمس، فعاد إلى البستان وأقام به حتى فرغ من جهازه. وغسّله القاضي محمد بن النعمان وكفّنه في ستّين ثوبا. وأخرج من البستان مع المغرب وحمل بين يديه فصلّى عليه بالقرافة، وحمل إلى القصر فدفن به.

[[شيء من شعره]]

وكان تميم فاضلا شاعرا ماهرا لطيفا ظريفا.

وقال في كتاب «معاقرة الشراب»: إنّ تميما ركب في النيل متنزّها فمرّ ببعض طاقات الدور المشرفة على النيل وجارية تغنّي [الكامل]:

نبّهت ندماني بدجلة موهنا ... والنجم في أفق السماء معلّق

والبدر يضحك وجهه في وجهها ... والماء يرقص حولنا ويصفّق

فاستحسن ذلك وطرب عليه وما زال يستعيده ويشرب عليه حتى انصرف وهو لا يعقل سكرا.

فلمّا أصبح عارضه فقال [المتقارب] (١):

شربنا على النيل لمّا بدا ... بموج يزيد ولا ينقص

كأنّ تكاثف أمواجه ... معاطف جارية ترقص

فأحسن ما شاء. وبلغ هذا الشعر عبد الله بن محمد الكاتب (٢)، فجمع شعراء إفريقيّة وأمرهم أن

يقولوا في معناه فلم يأتوا بطائل.

وقال [الخفيف]:

وانجلى الغيم عن هلال تبدّى ... في يد الأفق مثل نصف سوار (٣)

وقال [الخفيف]:

وكأنّ الصباح في الأفق باز ... والدّجى بين مخلبيه غراب (٤)

وكأنّ السماء لجّة بحر ... وكأنّ النجوم فيها حباب

وقال [البسيط]:

ناولتها شبه خدّيها مشعشعة ... بكرا كأنّ سناها ضوء مقباس

تقبّلتها وقالت وهي ضاحكة ... وكيف تسقى خدود الناس للناس؟ (٥)

... قلت: اشربي، إنّها دمعي، وحمرتها ... دمي، وطابخها في الكأس أنفاسي

قالت: إذا أنت من حيي بكيت دما ... فسقّنيها على العينين والرأس


- نشأ بإفريقيّة وتعلّم الخطّ والترسّل فاستكتبه زيزي بن مناد، ثمّ استكتبه ابنه أبو الفتوح يوسف بن زيزي [وكان] حاذقا بلسان البربر. فبعثه يوسف إلى المنصوريّة عونا لأبي نصر زيادة الله بن القديم، فقدمها ثالث رمضان سنة ثلاث وستّين وثلاثمائة فأمر ونهى مع ابن القديم إلى أن تحاسدا وثارت الحرب بينهما، وقبض على ابن القديم وسجنه حتّى مات. واستبدّ بأمر إفريقيّة في ثامن ربيع الأوّل سنة أربع وستّين [وثلاثمائة] إلى أن قتله الأمير أبو الفتح منصور بن يوسف يوم الأحد لإحدى عشرة خلت من رجب سنة سبع وسبعين وثلاثمائة هو وابنه يوسف بن عبد الله، فدفنا بغير غسل ولا كفن [و] ردّ عليهما التراب في اصطبل].
(١) ديوان تميم ٢٥٥.
(٢) عبد الله بن محمد الكاتب: أمير إفريقيّة من قبل الصنهاجيّين. انظر عنه رسالة هـ. ر. إدريس عن الدولة الزيريّة ١/ ٤٨ و ١/ ٦٦.
هذا وقد أقحمت في المتن ترجمة لهذا الوالي علّم عليها الناسخ- أو غيره- بحرف (ح) في أوّلها، وكأنّه ينبّه على أنّها ليست من متن المقفّى، وهذه الحاشية المقحمة تقول: [عبد الله بن محمد بن أبي العبّاس من بني الأغلب-
(٣) الديوان ١٨٣.
(٤) الديوان ٧٠.
(٥) فقبّلتها في الديوان، وبعده بيتان سقطا.

<<  <  ج: ص:  >  >>