للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرّحمن الرّحيم

بهذا الجزء الثالث، الذي يشمل تراجم أحرف الجيم والحاء والخاء، نكمل تحقيقنا للقسم التركيّ من كتاب المقفّى للمقريزي، الذي بدأناه بحرف الهمزة فالباء فالتّاء فالثاء. وتقسيم الكتاب إلى ثلاثة مجلّدات هو من عملنا نحن. فالمؤلّف لم يذكر قسمة، وإنّما يعلن عند الفراغ من حرف عن الحرف الموالي، وقد وقفت تراجم هذا المخطوط التركيّ على أبواب حرف الدال (١). ونرجو أن تكشف لنا الأيّام عن نسخ أكثر اكتمالا من التي بين أيدينا، فنسدّ الثغرات الواسعة الباقية بين مخطوطة السليميّة ومخطوطة باريس من جهة، أي من الدال إلى الطاء، وبين مخطوطة باريس ومخطوطة ليدن من جهة أخرى، أي بين العبادلة والمحمّدين، ونكمل الكتاب بتراجم ما بعد المحمّدين. والمؤلف نفسه يحملنا على هذا الترجّي؛ إذ يعلن في غضون الكتاب عن تراجم أنجزت وسبقت- أو لحقت، وإن كان يذكرها دائما بصيغة الماضي حتى وإن ذكرها في حروف سابقة عن حرفها- ولكنّها قد تكون فقدت فيما فقد من أقسام الكتاب.

وهذا الجزء الثالث يتضمّن تراجم مفرطة الطول كترجمتي الحسين السّبط والحجّاج بن يوسف، وتراجم مفرطة القصر، كتراجم الخالدين الكثيرين الذين لم يزد على أن ذكر أسماءهم وأحيانا تاريخ وفاتهم، دون أن يذكر لهم مقاما بمصر، وهو «شرط الكتاب» كما أكّد مرارا. وحتّى التراجم الطويلة قليلة الغناء أحيانا، إذ ينقل فيها ما تتداوله القواميس السابقة أو كتب التاريخ والأدب، كما هو الشأن في ترجمتي الحسين والحجّاج. إلّا إذا كان النقل عن كتب مفقودة كما بيّنّا في نشرنا للتراجم الفاطميّة من الكتاب: فعند ذاك يمكّننا المقريزيّ من إكمال نصّ منقوص، أو توضيح حدث غامض، أو ضبط اسم أو تاريخ. والكتاب مفيد خاصّة في الرجال الأقرب عهدا إليه، كسلاطين المماليك وأمرائهم، وفقهاء تلك الفترة وأدبائها، ممّا أتى مقتضبا في كتبه الأخرى كاتّعاظ الحنفاء أو السلوك في معرفة دول الملوك.

على أنّنا لا نظلم المقريزيّ فنسارع إلى الطّعن عليه ورميه بالسطو والانتحال كما فعل السخاويّ، فهو إذا نقل ذكر مصادره، مثل ابن يونس، والمنذريّ والخطيب البغداديّ وغيرهم. ولئن كان النقل حرفيّا أو متقطّعا، فلأنّ الكتاب بقي على هيئة المسوّدة أو الجذاذات التي كان ينوي الرجوع إليها بالتبييض والتنسيق والزيادة أو الحذف: ذاك ما يشعر به البياض الكثير المبثوث هنا وهناك في كافّة النسخ، وسكوته عن صلة المترجمين بالأرض المصريّة، وكذلك اكتفاؤه أحيانا بذكر اسم وحده لا زيادة عليه


(١) وجدنا من حرف الدال ترجمة وحيدة مقحمة في مخطوط فوطا من كتاب درر العقود الفريدة، فذيّلنا بها هذا الجزء الثالث، (الترجمة رقم ١٤٠١) لأنها ليست من شرط الكتاب الثاني الذي خصّصه المقريزي لمعاصريه.

<<  <  ج: ص:  >  >>