للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكانت واقعة بركات في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة.

١٠١٥ - برجوان العزيزيّ [- ٣٩٠] (١)

برجوان العزيزيّ، أبو الفتح، المنعوت بالأستاذ.

[[كفالته للحاكم عند موت العزيز]]

كان خصيّا صقلبيّا أبيض (٢)، ربّي في دار العزيز بالله وولّاه القصور. فلمّا حضرته الوفاة أوصى برجوان على ابنه أبي عليّ المنصور. ومات العزيز بالله فبادر برجوان إلى أبي عليّ ابن العزيز، فإذا هو على شجرة جمّيز يلعب في دار من دور بلبيس- وبها مات العزيز- فقال له برجوان: بسّك (٣) تلعب! انزل!

فقال له: ما أنزل والله الساعة!

فقال: انزل ويحك! الله الله فينا وفيك.

فنزل، فألبسه العمامة الجوهر على رأسه وقبّل له الأرض وقال: السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته- وخرج به إلى الناس على تلك الهيئة، فقبّلوا له الأرض وسلّموا عليه بالخلافة، وسار به إلى القاهرة.

واستمرّ بالقصر أعظم ما كان إلى أن فسدت أحوال أمين الدولة أبي محمد الحسن بن عمّار.

فتقدّم الحاكم بأمر الله إلى الأستاذ برجوان بالنظر في التدبير وجميع ما كان ابن عمّار ينظر فيه، وأن ينهى إلى الحاكم أحوال الدولة يوما بيوم. فنظر في

يوم الجمعة لثلاث بقين من شهر رمضان سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، وبكّر إلى القصر، ونهى عن التعرّض لأحد من الكتاميّين والمغاربة، ووجّه إلى دار ابن عمّار فمنع أحدا أن يتعرّض إليها، وصان ما بقي فيها- وكانت قد نهبت- وأمر بأخذ من وجد معه شيء من النهب، وأخذ عريف الباطليّة (٤) وألزمه بإحضار ما نهبوا فأحضروا شيئا كثيرا. وأجرى الرسوم التي كان ابن عمّار قد قطعها لأصحاب الرواتب، وأجرى على ابن عمّار ما كان يجرى له في أيّام العزيز.

واستكتب أبا العلاء فهد بن إبراهيم النصرانيّ، وجعل إليه التوقيع عنه. ورتّب الغلمان الأتراك في القصر، وأمرهم بملازمة الخدمة، وتفقّد أحوالهم، وأزاح عللهم وعلل أولياء الدولة وفحص عن أمور الناس، وأزال ضروراتهم ومنع الناس من الترجّل له فكانوا يلقونه في داره، وإذا تكاملوا ركب وساروا بين يديه إلى القصر.

[استقامته في الوزارة ثمّ انحرافه]:

ثمّ إنّه لمّا تمكّن قصّر في الخدمة وتشاغل بلذّاته وأقبل على سماع الغناء وشغف بكثرة الطرب، وكان شديد الميل إليه والمحبّة له، يحضر إلىداره المغنّين من النساء والرجال، ويجمعهم عنده فيصير كواحد منهم. وصار يجلس في داره حتى يمضي صدر من النهار ويتكامل الناس على بابه، ثمّ يخرج ويركب إلى القصر، فلا يمضي من الأمور إلّا ما يختار من غير مشاورة.

فأنف الحاكم من هذا وتجرّد للنظر في الدولة، ونقم على برجوان أمورا عدّها عليه من سوء أدبه، وحمل برجوان عليها دالّته على الحاكم بأنّه قديم في دار أبيه، وأنّه ربّاه صغيرا، وقام بأمر دولته.


(١) الخطط ٣/ ٣؛ وفيات ١/ ٢٧٠ (١١٢)؛ الوافي ١٠/ ١١٠ (٤٥٦٤)؛ اتّعاظ ٢/ ٢٥.
(٢) في الوافي: وكان أسود.
(٣) أي: كفاك لعبا! وهي عبارة الاتّعاظ ١/ ٢٩١.
(٤) انظر تعريف الباطليّة في الاتّعاظ ٢/ ١٣ هامش ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>