للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحيى بن مالك، أبو يحيى، مولى غافق.

يروي عن هارون بن عبد الله الزهريّ وغيره.

وآخر من حدّث عنه بمصر محمد بن الربيع بن سليمان الجيزيّ.

وكان فقيها يغلب عليه الفقه.

توفّي يوم الجمعة لخمس خلون من شهر رجب سنة خمس وخمسين ومائتين.

١٣٠٩ - حميد بن مكّيّ القصّار [- ٥١٧] (١)

[٤٢١ أ] حميد بن مكّيّ، الإطفيحيّ، القصّار.

كان رفيقا لبركات (٢) الذي استغوى الناس بمصر في أيّام الأفضل ابن أمير الجيوش. فلمّا مات بركات وقتل أصحابه بعد غلق دار العلم (٣)، فرّ حميد.

فلمّا مات الأفضل عاد حميد وسكن مصر، يدقّ الثياب. وصار يتردّد إلى دار العلم بعد ما فتحها الوزير المأمون أبو عبد الله محمد بن فاتك البطائحيّ، ويفسد عقول الناس. وادّعى الربوبيّة فاتّبعه أستاذ وخيّاط وجماعة. فقام في أمره داعي الدعاة وليّ الدولة أبو البركات ابن عبد الحقيق وصار إلى الوزير المأمون وعرّفه عن حميد بأنّه قد عرف طرفا من علم الكلام على مذهب الأشعريّ، ثمّ إنّه انسلخ من الإسلام وسلك طريق الحلّاج في التمويه، واستهوى من ضعف عقله وقلّت بصيرته.

فقبض على حميد وعلى جميع أصحابه، ما خلا الخيّاط، فإنّه فرّ. فنودي عليه وبذل لمن يحضره المال فلم يقدر عليه. وأودع حميد وأصحابه السجن، وقرّروا فلم يعترفوا بشيء. فلمّا كان بعد أيّام تماوت فأمر بدفنه، فإذا به حيّ. فترك في السجن. وعرضت البراءة منه على أصحابه، فمن تبرّأ منهم، خلّي عنه، ومن أصرّ ترك في السجن. وعرضت البراءة على الأستاذ فقال: إنّ القتل لا يصل إليه.

فأمر بقطع لسانه فقطع ورمي قدّامه. فلم يرجع. وأخرج بحميد والخصيّ في من بقي من أصحابه فصلبوا وضربوا بالنشّاب حتى ماتوا، وذلك في شهر ربيع الأوّل سنة سبع عشرة وخمسمائة. ثمّ ظفر بالخيّاط فلم يتبرّأ من حميد، فصلب بجانبه. وصار [٤٢١ ب] أصحابه [٤١٨ أ] يأتونبالكافور ويلقونه قريبا من خشبته سرّا، حتّى إنّ من مرّ هناك يشمّ ريح الكافور، فيشيع أصحابه أنّ هذا من كراماته التي ظهرت بعد صلبه. فلمّا اشتهر هذا أمر المأمون بحطّ رممهم عن الخشب ودفنهم [متفرّقين]، بحيث لم يعرف قبر حميد [من قبور أصحابه].

وكان حميد قصيرا دميم الخلقة، يتنمّس (٤) بالدين ويواصل طلوع الجبل في عدّة من أصحابه، ويصلّي ركعتين ثمّ يحضر إليهم المأكل من الجبل، فيرى أصحابه أنّه أحضر إليهم ذلك من الغيب. وكانوا يبالغون في تعظيمه حتى إنّهم يخافون الإثم في تأمّل صورته فلا يزالون مطرقين بين يديه. وهم مع ذلك يسألونه الحوائج، فما منهم أحد إلّا ويستدعي منه بالجبل شيئا على سبيل الامتحان فيحضره إليه لوقته.


(١) ابن ميسّر (ماسي) - ٦٤ - ابن المأمون: أخبار مصر، ٤٤.
(٢) بركات له ترجمة: رقم ١٠١٤.
(٣) دار العلم خصّص لها المقريزيّ فصلا في الخطط ٢/ ٣٣٤ - ٣٣٧ ثمّ ذكر نوبة بركات وصاحبه القصّار هذا.
(٤) تنمّس: تظاهر بالتقوى والدين (دوزي).

<<  <  ج: ص:  >  >>