للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[ولايته البصرة لمعاوية]]

ثمّ ولّاه معاوية على البصرة في سنة إحدى وأربعين، وأمره بقتل بني زياد ابن أبيه. وكان زياد [٢٤٧ ب] على فارس من قبل عليّ رضي الله عنه.

فقدم بسر البصرة وصعد منبرها فشتم عليّا رضي الله عنه، وتنقّصه وذكره بالقبيح، ثم قال:

نشدت الله رجلا يعلم أنّي صادق إلّا صدّقني، أو كاذب إلّا كذّبني!

فقال أبو بكرة نفيع (١) بن الحارث رضي الله عنه: إنّك تنشد عظيما. والله ما صدقت ولا بررت! - وفي رواية: اللهمّ، إنّا لا نعلمك إلّا كاذبا.

فأمر به فخنق. فقام أبو لؤلؤة الضبيّ عليه فرمى بنفسه عليه فمنعه. وقيل لأبي بكرة: ما حملك على ذلك؟

فقال: يناشدنا بالله، ثمّ لا نصدقه!

وأخذ بسر أولاد زياد: عبد الرحمن، وعبد الله، والمغيرة، وسلما، وحربا، وكتب إلى زياد: لتقدمنّ على أمير المؤمنين أو لأقتلنّ بنيك!

فكتب إليه: لست بارحا مكاني حتى يحكم الله بيني وبين صاحبك. وإن قتلت ولديّ، فالمصير إلى الله، ومن ورائنا الحساب وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ [الشعراء: ٢٢٧]. فأراد بسر قتلهم، فأتاه أبو بكرة فقال: قد أخذت ولد أخي بلا ذنب، وقد صالح الحسن على ما أصاب أصحاب عليّ حيث كانوا، فليس عليهم ولا على أبيهم سبيل.

فأجّله أسبوعا حتى يأتيه بكتاب معاوية. فركب

أبو بكرة إلى معاوية وهو بالكوفة، فلمّا أتاه قال:

يا معاوية، إنّ الناس لم يعطوك بيعتهم على قتل الأطفال.

فقال: وما ذاك يا أبا بكرة؟

قال: بسر يريد قتل بني أخي زياد.

فكتب له بتخليتهم. فأخذ الكتاب وعاد إلى البصرة يوم الميعاد وقد أخرج بسر أولاد زياد مع طلوع الشمس ينتظر بهم الغروب لقتلهم. واجتمع الناس لذلك إذ رفع أبو بكرة ثوبه وكبّر، فكبّر الناس معه. وأقبل يسعى على رجليه ودفع الكتاب إلى بسر فأطلقهم. ثمّ صرفه معاوية بعبد الله بن عامر، فكانت إقامته بالبصرة ستّة أشهر.

وبعثه فغزا بلاد الروم سنة ثلاث [٣٠١ ب] وأربعين وشتّى بأرضهم حتى بلغ القسطنطينيّة فيما زعم الواقديّ. وأنكر قوم أن يكون بسر شتّىبأرض الروم.

ثمّ غزا بسر في البحر أيضا سنة أربع وأربعين.

وغزا سنة خمسين أرض الروم، وخرج على الصائفة في سنة إحدى وخمسين. وقيل: إنّه شتّى بأرض الروم سنة اثنتين وخمسين ومعه سفيان بن عوف الأزديّ.

[[قلعة بسر بإفريقية]]

وذكر أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم أنّ موسى بن نصير وجّه بسر بن أرطاة إلى قلعة من مدينة القيروان على ثلاثة أيّام فافتتحها وسبى الذرّيّة وغنم الأموال، فسمّيت قلعة بسر (٢)، فهي لا تعرف إلّا به إلى اليوم. وكان ذلك سنة ستّ وثمانين.

وذكر ابن السكن أنّه مات أيّام معاوية. وذكر


(١) نفيع هو أخو زياد بن سميّة لأمّه (تهذيب التهذيب ١٠/ ٤٦٩).
(٢) قلعة بسر: فتوح مصر ٢٠٥، طبقات ابن سعد ٧/ ٤٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>