للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبيد الله أخا الشريف مسلم (١) إلى الصعيد، فنزل في نواحي أسيوط وإخميم، وجبى الأموال، وحارب أصحاب المعزّ. ونزل الحسن بلبيس فتأهّبالمعزّ لقتاله، وندب ابنه وليّ العهد الأمير عبد الله بالعساكر، وقد انتشر القرامطة في نواحي أسفل الأرض يجبون الأموال.

وخرج ريّان الصقلبيّ في أربعة آلاف إلى المحلّة، فقتل وأسر كثيرا من القرامطة، فاشتعلت أرض مصر أعلاها وأسفلها بنار الحرب من القرامطة.

ونزل الأمير [٥١١ ب] عبد الله بركة الحاجّ في سلخ رجب، وقد نزل النعمان بن أحمد أخو الحسن بن أحمد تجاهه، ونزل الحسن بسطح البركة، ووقع القتال بين الفريقين واشتدّ، فولّى حسّان بن عليّ بن الجرّاح الطائيّ منهزما عن الحسن بمن معه، وكانوا جمعا كبيرا، فلم يثبت الحسن ومضى على وجهه، ونهب سواده، وأخذت قبّته، وأسر من عساكره خلق كثير. فنزل أذرعات وتوجّه منها إلى الأحساء، وقد تمزّقت عساكره.

فبلغ ذلك عضد الدولة فنّاخسرو ابن ركن الدولة عليّ بن بويه، فطمع أن يظفر ببقيّة القرامطة في الأحساء، وبها يومئذ أبو يعقوب عمّ الحسن بن أحمد. فبعث إليه عسكرا كثيفا، ففرّ عن الأحساء، فاحتوى العسكر على الأحساء وما فيها. ووافى الحسن بن أحمد فيمن بقي معه فانضمّ إليه عمّه وبقيّة أصحابه وحارب العسكر، فكانت بينهم وقعة عظيمة قتل فيها رجال العسكر وأخذت أموالهم. فقويت نفس الحسن بن أحمد وعادت دولته. وكتب يستدعي العرب فأجابوه،

ثمّ بعث رسوله إلى المعزّ يطلب موادعته ويوصيه بكاتبه أبي المنجّى، وقد قبض عليه وحمل إلى القاهرة ليسجن بها، فأخرج عنه في خامس محرّم سنة أربع وستّين [وثلاثمائة].

فلمّا قدم هفتكين الشرابيّ إلى دمشق وملكها وسار القائد جوهر من القاهرة إلى دمشق وحصر هفتكين، بعث إلى الحسن بن أحمد يستدعيه، فسار من الأحساء يريد دمشق، فسار جوهر بعد مصالحة هفتكين إلى طبريّة، وقد قرب منه الحسن بن أحمد فأسرع في الرحيل. وخرج الحسن من المزّة يريد طبريّة ففاته جوهر، فبعث سريّة تلحقه فواقعهم أصحاب جوهر وخلص إلى الرملة. فلمّا [٣٤٧ أ] بلغ ذلك الحسن سار من طبريّة وسار هفتكين في أثره حتى نزلا الرملة، فمات الحسن بها في يوم الأربعاء لسبع بقين من شهر رجب سنة ستّ وستّين وثلاثمائة.

فقام من بعده ابن عمّه جعفر بن أبي سعيد الجنّابي، وقاتل جوهرا هو وهفتكين بقيّة السنة.

ثمّ فسد ما بينه وبين هفتكين فسار إلى الأحساء، وحمل معه الحسن حتّى دفنه هناك.

[[شعر الأعصم]]

وكان الحسن بن أحمد قصيرا له كرسيّ من خشب يصعد عليه حتى يركب. وكان لا يركب من الخيل إلّا أقواها.

ومن شعر الحسن [الخفيف]:

زعموا أنّني ضئيل، لعمري ... ما تكال الرجال بالقفزان (٢)

إنّما المرء باللسان وبالقل ... ب، وهذا قلبي وهذا لساني

ووقّع في آخر يوم من أيّام حياته توقيعا بخطّه لم


(١) عبد الله بن عبيد الله الحسيني أخو الشريف مسلم، انظر ترجمته رقم ١٥٣٨.
(٢) القفزان ج. قفيز وهو مكيال ومقياس (اللسان: قفز).

<<  <  ج: ص:  >  >>