للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنة وأحد عشر شهرا واثني عشر يوما.

ووصل المأمون إلى همذان في آخر ذي الحجّة فأقام بها شهرا ثم سار فجعل يقيم بالمنزل اليوم واليومين والثلاثة. وأقام بالنهروان ثلاثة أيّام، فخرج إليه أهل بيته والقوّاد ووجوه الناس، فسلّموا عليه.

[[دخول المأمون بغداد]]

وكان قد كتب إلى طاهر وهو بالرقّة ليوافيه بالنهروان فأتاه بها. ودخل بغداد منتصف صفر سنة أربع ومائتين، ولباسه ولباس أصحابه الخضرة، فكان الناس يدخلون عليه في الثياب الخضر، فإذا رأوا ملبوسا من السواد على إنسان خرّقوه. وكلّم بنو العبّاس طاهرا في ذلك، فكان أوّل حاجة سألها المأمون أن يلبس السواد. فقعد بعد ثمانية أيّام من قدومه للناس، وأحضر سوادا فلبسه ودعا بخلعة سوداء فألبسها طاهرا، وخلع على قوّاده السواد، فعاد الناس إليه، وذلك لسبع بقين من صفر [سنة ٢٠٥].

واستعمل العمّال على الأعمال وأمر بمقاسمة أهل السواد على الخمسين- وكانوا يقاسمون على النصف- فأصلح الأعمال وانقطعت الفتن.

فلمّا دخلت سنة خمس ومائتين تفرّغ لخراسان، فولّى طاهرا ما بين بغداد إلى أقصى أعمال المشرق كلّها مع شرطة جانبي بغداد التي كان يتولّاها. وعقد ولاية ذلك كلّه في شهر رمضان منها. فشخص إليها يوم النحر.

ثمّ نادى المأمون في سنة إحدى عشرة [ومائتين]: برئت الذمّة ممّن ذكر معاوية بخير أو فضّله على أحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وأظهر في ربيع الأوّل سنة اثنتي عشرة القول بخلق القرآن، وتفضيل علي بن أبي طالب رضي الله عنه على جميع الصحابة، وقال: هو أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فلمّا كان شهر رمضان سنة ثلاث عشرة [ومائتين] ولّى المأمون ابنه العبّاس الجزيرة والثغور والعواصم. وولّى أخاه أبا إسحاق محمد ابن الرشيد (١*) أعمال المغرب مكان عبد الله بن طاهر. فأمر لكلّ منهما ولعبد الله بن طاهر بخمسمائة ألف درهم، فقيل: لم يفرّق في يوم مثل ذلك المال. وقيل: بل دفع لأخيه خمسمائة ألف دينار، ولابنه العبّاس خمسمائة ألف دينار، ولابن طاهر، وقد عقد له على الجبال ومحاربة بابك، ثلاثمائة ألف دينار، وأمر لسائر الوفود بتسعمائة ألف دينار. وقال عمرو بن الفرج: هذا أوّل يوم فرّق فيه من المال ما لا فرّق في غيره بمثله منذ كانت الدنيا.

ثم خرج المأمون من بغداد يوم الاثنين لعشر خلون من جمادى الأولى سنة أربع عشرة [ومائتين] يريد غزو الروم [١٢٣ ب] واستخلف على بغداد إسحاق بن إبراهيم بن مصعب. فلمّا صار بتكريت أقام بها، ثمّ سار على طريق الموصل إلى منبج، ثم إلى دابق، ثم إلى أنطاكية، ثم إلى المصيصة وطرسوس. ورحل منها في جمادى الأوّل [سنة ٢١٤] إلى بلاد الروم وعبر ابنه العبّاس ملطية، فأقام المأمون على حصن قرّة حتى فتحه عنوة وهدمه لأربع بقين منه. ووجّه أشناس إلى حصن س [ن] دس، ووجّه عجيفا إلى حصن سنان فأخذ الحصنين.

ثم سار المأمون إلى دمشق.

ثم عاد في سنة ستّ عشرة إلى بلاد الروم، وقد بلغه أنّ ملك الروم قتل ألفا وستّمائة من أهل


(١*) أبو إسحاق هو المعتصم. انظر ترجمته رقم ٣٤٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>