للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دمشق سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.

ومن شعره، وقد نام مع جارية على سطوح داره بطرابلس فطلع القمر عليهما، فارتاع من كشف الجيران إيّاهما، ونزلا فقال [الطويل]:

ولمّا تلاقينا وغاب رقيبنا ... ورمت التشكّي في خلاء وفي سرّ

بدا ضوء بدر فافترقنا لضوئه ... فيا من رأى بدرا ينمّ على بدر!

وله ديوان شعر أكثره في مدح فخر الملك عليّ بن عمّار صاحب طرابلس [٥٢ ب] وفي مدح الأفضل أمير الجيوش والمأمون البطائحيّ. ومن جيّد شعره [الطويل]:

أأحبابنا لو سرتم سيرة الهوى ... لكنتم لقلبي مثلما لكم قلبي

عتبتم وما ذنبي سوى البعد عنكم ... وإنّي لأهواكم على البعد والقرب

فلا تجمعوا بين الفراق وعتبكم ... ولا تجعلوا ذنب المقادير من ذنبي

٣١٨٢ - ابن بندار الشيرازيّ الكاتب [٦٠٢ - ٦٨٢] (١)

محمد بن محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن بندار، ابن مميل، عماد الدين، أبو الفضل، ابن شمس الدين أبي نصر، الشيرازيّ، الدمشقيّ، الكاتب.

من بيت علم وقضاء. كتب الخطّ الجيّد وفاق بحسن خطّه كتّاب زمانه.

وسمع الحديث من القاضي أبي الفضل عبد الصمد ابن محمد الحرستانيّ، وأبي البركات داود بن أحمد بن ملاعب، وقدم القاهرة وحدّث بها.

مولده بدمشق في سادس عشر ذي القعدة سنة ستّ وستّمائة. وتوفّي بالمزّة خارج مدينة دمشق يوم الاثنين سابع عشر صفر سنة اثنتين وثمانين وستّمائة.

وكان رئيسا محتشما كثير المال مليح الشكل متواضعا [٥٣ أ] وقورا وافر الحرمة.

وانتهت إليه براعة الخطّ، لا سيّما في المحقّق والنسخ. وكان يسافر للتجارة. وبلغه أنّ ربعة بخطّ ابن البوّاب كتبها بخفيف المحقّق فاستعمل من ورق الطير جملة ومضى به إلى بغداد وأخذ تلك الربعة وصار يضع ورق الطير على خطّ ابن البوّاب، فيشفّ عمّا تحته فيكتب على الكتابة لا يخلّ بشيء منها، فكانت الكتابة في الوجه الواحد فقط، ويصير الآخر بغير كتابة حتى كملت الربعة بخطّه.

ولمّا قدم مصر ركب النيل مع الصاحب تاج الدين محمد ابن حنّا، [وكان معه جماعة من أصحابه وفيهم شخص معروف بابن الفقّاعيّ ممّن له عناية بالكتابة فسأل] ابن الفقّاعيّ الصاحب وقال: يا مولانا، عندي يوم كامل الدعوة [لمولانا الصاحب وهؤلاء الجماعة]، ومولانا يدعو المولى عماد الدين يفيدني قطّة القلم (٢).

فقال الصاحب: والله ما في هذا شيء: مولانا يتفضّل عليه بذلك.

فأطرق عماد الدين مغضبا. ثمّ رفع رأسه وقال [٥٣ ب]: أو خير لك من ذلك؟

قال: وما هو؟

قال: أوصل إليك ربعة بخطّي وتعفيني من هذا.


(١) الوافي ١/ ٢٠١ (١٢٦)، النجوم ٧/ ٣٥٩.
(٢) قطّ القلم قطع رأسه، وكأنّ ابن الفقّاعيّ يسأله أن يعلّمه الكتابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>