للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا تغتّر بنشاط الأحداث في الأعمال، فإنّهم سريعو التغيّر والانقلاب.

من رأى نفسه أهلا للعطاء فقد استحقّ الحرمان.

العبد مأمور بالأدب في كلّ حال لأنّ الصفة لا تفارق موصوفها، وقد قال تعالى في حقّ المتمكّن المكين المحبوب الأمين: ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى [النجم: ١٧].

وقال: سألني الشيخ أبو زيد عن شيء من أحوالي فأخبرته ببعض مراء (١) كنت أراها في ذلك. فقال لي: يا محمّد، زهد صبيّ وعبادة امرأة، وهذه المرائي الثلاثة ما يجيء منها شيء.

(قال): فكانت تأديبا لي، لأنّي قصصت رؤيا وأنا صبيّ، فجعلتها وصيّة انتفعت بها.

[[من مناقب شيوخه في الطريقة]]

وقال: سمعت الشيخ أبا إسحاق إبراهيم بن طريق يقول: لمّا حضرت الشيخ أبا الحسن بن غالب الوفاة قال لأصحابه: اجتمعوا وهلّلوا سبعين ألفمرّة واجعلوا ثوابها لي، فإنّه بلغني أنّها فداء كلّ مومن من النار. (قال): فعملناها واجتمعنا عليها وجعلنا ثوابها له.

قال: وسمعت الشيخ أبا زيد القرطبيّ يقول:

سمعت في بعض الآثار أنّ من قال: لا إله إلّا الله سبعين ألف مرّة كانت فداءه من النار. فعملت على ذلك رجاء بركة الوعد، فعملت منها لأهلي، وعملت أعمالا ادّخرتها لنفسي. وكان إذ ذاك يبيت معنا شابّ يقال إنّه يكاشف في بعض الأوقات بالجنّة والنار. وكانت الجماعة ترى له فضلا على صغر سنّة، وكان في قلبي منه شيء.

فاتّفق أن استدعا [نا] بعض الإخوان إلى منزله،

فنحن نتناول الطعام والشابّ معنا إذ صاح صيحة منكرة واجتمع في نفسه، وهو يقول: يا عمّ، هذه أمّي في النار! - وهو يصيح بصياح عظيم لا يشكّ من سمعه أنّه عن أمر. فلمّا رأيت ما به من الانزعاج قلت في نفسي: اليوم أجرّب صدقه! - فألهمني الله السبعين الألف ولم يطّلع أحد على ذلك إلّا الله، فقلت في نفسي: الأثر حقّ، والذين رووه لنا صادقون. اللهمّ إنّ السبعين الألف [٥٨ أ] فداء أمّ هذا الشابّ- فما استتممت الخاطر في نفسي إلى أن قال: يا عمّ، ها هي أخرجت! الحمد لله، الحمد لله! (قال): فخلصت لي فائدتان: إيماني بصدق الأثر، وسلامتي من الشابّ وعلمي بصدقه.

[[من أقواله أيضا]]

وقال أبو عبد الله القرشيّ: من تفقّه أعماله زكت أحواله، وعلى قدر المحاسبة تصفو الأحوال.

وقال: المتخلّق يشكر على المنع كما يشكر على الإعطاء.

وقال لبعض أصحابه، وقد تزوّج: صلّ بحضرة امرأتك لتتشبّه بك.

وقال: إسقاط الأدب اتّكالا على أكيد المودّة من نقص الحرمة وسخافة العقل.

وقال: إنّ الله قد جعل للأوقات الفاضلة مزيدا في القلوب، والأعمال يشهدها أهل اليقظة من العمّال، ومن أخلاق أهل الفتوّة إسناد الأملاك لمالكها، ورؤية أيديهم ظروفا للإعطاء.

وقال: إذا فتح الله على العبد باب الدعاء تيسّرت له الإجابة. لن يفارق الوليّ التواضع وحسن الخلق. سمة الوليّ الحياء والسخاء، واحتمال الأذى، والرحمة للخلق، والقيام بالحقّ.


(١) مرابي في المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>