للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الميمنة (١).

فلمّا كانت سنة عشرين وسبعمائة رسم أن يتحوّل من القلعة ويسكن في دار الأمير كراي المنصوري بالقاهرة، لأنّه ثقل عليه وصار يعارضه ويشير عليه بغير ما يريده. فسكن القاهرة إلى سنة اثنتين وعشرين. [ف] عيّنه لنيابة صفد، واعتذر إليه على لسان الأمير أرغون بأنّ السلطان يستحي منه إذا رآه في الخدمة لما يعلمه من تقدّمه وكبر سنّه، وأنّه قصد بنيابته صفد إراحته.

فامتنع من ذلك واحتجّ بأنّه رجل غتميّ لا يعرف بالعربيّ، وما حكم قطّ بين أحد فلا أعرف ما يقول الناس إذا وقفوا لي. فأعرض السلطان عن هذا القول، وبعث إليه بألفي دينار مع كريم الدين ناظر الخاصّ وجهّز له تشريف نيابة صفد، والإنعام على أولاده بإمرتات. فلمّا جاءه كريم أقام ساعة حتى أذن له، ثمّ دخل عليه فلم يحتفل به كاحتفال غيره من الأمراء. فوضع الذهب والتشريف بين يديه، وقام كالمغضب إلى السلطان.

فأصبح يوم الخميس ثاني شهر [رمضان] منها، [ف] ألبس السلطان ولده الأصغر شربوش الإمرة، فصعد في آخر النهار إلى الخدمة وجلس رأس الميسرة على عادته واستعفى من صفد، فأعرض عنه، وقبض عليه وعلى أولاده في ليلة الجمعة ثالث شهر رمضان. فوقف غوغاء العامّة بكرة يوم الجمعة تحت القلعة وصرخوا بالسلطان: ما يستأهل مسكه! - فاشتدّ حنقه، وبعث إليه مع قجليس فرسا وطعاما وأمره أن يقرئه السلام ويعتذر إليه ممّا وقع ويستعرض حوائجه. فسأل أن يفرج عن أولاده. فأجابه إلى ذلك وأفرج عنهم ليلة عيد الفطر، ومنعهم من الخدمة السلطانيّة.

وبعثه إلى الإسكندريّة (٢) فسجن بها، إلى أن كانت فتنة أهل الإسكندريّة [ف] حمل إلى قلعة الجبل هو وبقيّة الأمراء المسجونين، فقدموا في ثامن عشر رجب سنة سبع وعشرين، وأرسل هو وتمر الساقي إلى الكرك (٣). ثمّ أحضر هو والأمير كراي ليفرج عنهما. فلمّا قدما بركة الحجّاج (٤) خرجا إليهما الأمير مغلطاي الجمالي، وصعد بهما إلى قلعة الجبل، فسجن بكتمر بها إلى أن مات يوم السبت نصف شعبان سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، فشهد الأمراء جنازته ودفن بالقرافة.

وكان جوادا، له صدقات ومعروف، سليم الباطن.

وترك ولدين من أمراء الطبلخاناه بمصر، ولم يقع هذا لغيره.

٩٣٥ - بكتمر الجوكندار [- ٧١٦] (٥)

[٢٨٦ أ] بكتمر الجوكندار المنصوريّ، الأمير سيف الدين، أمير جاندار.

ترقّى في الخدم حتى صار جوكندار وأحد أمراء الألوف بديار مصر. فلمّا كانت أيّام بيبرس وسلّار، كان من أهل الحلّ والعقد. ولم يزل الملك الناصر محمد بن قلاوون يقول له إذا خاطبه: يا عمّ، ويقول لابنه ناصر الدين محمد: يا أخي.

وحجّ في سنة سبعمائة، وأنفق في حجّه خمسة


(١) في الدرر: يجلس بكتمر رأس الميسرة، وكذلك في بقيّة الترجمة. وفي المخطوط، عكس هذا التوزيع.
(٢) سجن بالإسكندريّة في رمضان ٧٢٢؛ السلوك ٢/ ٢٣٨.
(٣) السلوك ٢/ ٢٨٦.
(٤) بركة الحاجّ أو الحجّاج في طريق البرّ بين الفسطاط والحجاز: الخطط ١/ ١٦٣ و ٢/ ٤٨٩ وتسمّى أيضا بركة الجبّ.
(٥) الوافي ١٠/ ١٩٨ (٤٦٧٨)؛ الدرر ٢/ ١٨ (١٣٠٧)؛ المنهل ٣/ ٣٩٨ (٦٨٠)؛ السلوك ٢/ ١٠٢؛ بدائع الزهور ١/ ٤٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>