للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منصور بن البلخي النبهاني والد أبي الوحش غضنفر بن فارس كتابا في سيرته.

وتزوّج أنوشتكين شوّاقة ابنة صمصام الدولة.

٨٤٦ - أنوش الدرزي [- بعد ٤١٠] (١)

أنوش [تكين] البخاري الدرزي، أبو عبد الله- وسمّاه بعضهم محمد بن إسماعيل، أحد موالي الأتراك.

سلك طريق حمزة اللبّاد الزوزنيّ (٢) في القول بحلول الإله سبحانه في الحاكم بأمر الله أبي عليّ منصور ابن العزيز نزار، ودعا الناس إلى ذلك فكثرت أتباعه وأصحابه، وعلّق على باب داره سلاحا كبيرا، وسمّى نفسه سيّد الهادين (٣)، وحياة المستجيبين. فكان الحاكم إذا ركب تعرّض له وخلا به، إلى أن كان اليوم الثاني عشر من صفر سنة عشر وأربعمائة، [ف] اجتمعت طائفة من أصحاب الزوزنيّ على خيول وبغال، ودخلوا الجامع العتيق بمصر ركبانا، وهم يعلنون مذهبهم ويجهرون بإلحادهم. وتقدّم ثلاثة منهم إلى مجلس قاضي القضاة أبي العبّاس أحمد بن محمد [بن أبي] العوّام (٤)، والمتحاكمون ينتظرونه، فتكلّموا بكلام أنكره الناس [ف]- ضجّوا بالتكبير والتهليل والثناء على الله تعالى. فاجتمع أهل مصر بالجامع من كلّ جهة فصار تسبيحهم كأنّه دويّ

الرعد. وتقدّم بعضهم فتلقّى القاضي، وقد أقبل في موكبه يريد الجامع فعرّفه الخبر. فلمّا استقرّ في مجلس الحكم تقدّم إليه أحد الثلاثة وناوله رقعة من الزوزنيّ يأمره فيها بمذهبه ويدعوه إليه. فقال له: «حتى أدخل إلى حضرة مولانا وأسمع كلامه»، وطاوله (٥) في الكلام ساعة فثارت العامّة بالرجل وقتلوه ورفيقيه جميعا وأخذوا باقيهم بالضرب حتى قتلوهم شرّ قتلة. وتتّبعوا من كان على مثل رأيهم من أهل البلد فقتلوهم، وجرّوا بأرجلهم في الطرقات [٢٢٥ ب] وحرّقوهم. فبعث الحاكم من يومه فعزل متولّي الشرطتين وولّى غيره وطلب من أوقع بأصحاب الزوزني فقبض على أربعين رجلا وقتلوا في أوقات متفرّقة.

فحنق عامّة العسكر والرعيّة واجتمع الأتراك لسبع بقين من صفر على دار أنوش تكين هذا يريدون أخذه، فامتنع بها وقاتلهم من أعلاها فقاتلوه، وهدموا داره ونهبوها وقتلوا من أتباعه أربعين رجلا، وخلص هو منهم فارّا فلم يقدروا عليه وصار إلى القصر. فلبس الأتراك السلاح وأرسلوا إلى الحاكم يسألونه أن يدفع إليهم أنوش تكين. وقالوا: نحن لا نمنعك أن تتصرّف في ملكك كيف شئت. وهذا الرجل منّا، ونحن لا نتركه.

فوعدهم بتسليمه إليهم. فانصرفوا عن القصر.

فلم يبعثه إليهم. فركبوا في يوم الجمعة من الغد وراسلوه في إنفاذه إليهم فخرج الجواب بأنّه قد قتله. فزحفوا بأجمعهم ومعهم بقيّة العسكر إلى مسجد ريدان يريدون الزوزني، فلم يجدوه وأحرقوا باب المسجد وعادوا. فاشتدّ غضب الحاكم على الأجناد في ربيع الأوّل، ثم رضي عنهم في ربيع الآخر، وطيّب قلوبهم، وأجرى


(١) انظر دائرة المعارف الإسلامية ٢/ ١٤٠ (الدرزيّ) و ٢/ ٦٤٧ (دروز)، واتّعاظ الحنفاء ٢/ ١١٨، وأخبار الدول المنقطعة لابن ظافر ٥٣.
(٢) حمزة بن علي بن أحمد الزوزنيّ اللبّاد، دائرة المعارف ٣/ ١٥٧.
(٣) سند في مخطوطنا وفي الدول المنقطعة والاتّعاظ. وسيّد في قراءة دائرة المعارف.
(٤) القاضي ابن أبي العوّام (ت ٤١٨).
(٥) الذي أطال الكلام هو صاحب الزوزنيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>