للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلسطين، ثمّ عاد لعشر بقين من شوّال.

[[محاربته لإسحاق بن كنداج]]

وعزم على مطالبة إسحاق بن كنداج بما غلب [عليه] من الأعمال بعد موت أحمد بن طولون.

فكتب إليه في ذلك ثمّ خرج إليه في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين. فقتل سعد الأيسر [في شيء ظهر منه من خلاف] (١)، ومضى إلى دمشق فدخلها يوم الثلاثاء لسبع خلون من المحرّم سنة ثلاث وسبعين. وخرج منها وقد سار ابن كنداج إلى لقائه فتوافقا بأرض الرافقة، فكانت على أبي الجيش، فانهزم أصحابه، وثبت هو في طائفة من حماته، وهزم ابن كنداج وتبعه حتى عبر الفرات. فعقد أبو الجيش جسرا على الفرات وعبر إليه يقفو أثره حتى بلغ أصحابه إلى سامرّا. فبعث يسأل في الصلح وأن يكون من جملة أبي الجيش ويخطب له على منابره، فأجابه. وأقيل إليه ابن كنداج وأقام في عسكره فأكرمه وعاهده وخلّى عنه، فدعا له على منابره في أعماله التي بيده. وكان القائم في هذا الصلح يحيى كاتب أبي الجيش، وفي ذلك يقول القاسم بن يحيى المريمي [الطويل]:

هي النعمة العظمى فقد وجب الشكر ... وما حقّ ذي الإنعام جحد ولا كفر

هي النعمة الكبرى التي جلّ قدرها ... وكاد سواها لا يكون له قدر

أتانا أبو الجيش الأمير بيمنه ... فشرّد عنّا الجور وافتقد العسر

فإن تك [أرض] الرقّتين اكتست به ... ضياء وإشراقا لقد أظلمت مصر

٥ أليس ترى ذلّ العراق وكيف لا ... يذلّ، وقد أضحى يجاوره البحر؟

فسائل به إسحاق إذ سار نحوه ... بجيش كعرض النيل يقدمه النصر

تباعدت الأقطار منه كثافة ... ففي مشرق قطر وفي مغرب قطر

فأبلس إذ قيل: الأمير ببالس ... وأضحى ضعيف العقد إذ عقد الجسر

[٤٤٤ ب] ولمّا أتى الجسر ابن كنداج مقبلا ... أرته المنايا الحمر أعلامه الحمر

فولّى شريدا ذا ارتياع كأنّه ... بكلّ بلاد طائر ما له وكر ١٠

لئن سرّ إسحاق النجاة بنفسه ... لقد ساءه في جمعه القتل والأسر

فلا يغبطن بالعيش من بعد هذه ... فقد كسرته كسرة ما لها جبر

[[التصالح مع خليفة بغداد]]

ثمّ إنّ أبا الجيش كاتب أبا محمد الموفّق طلحة يسأله الصلح، على مال يقوم به عمّا في يده من الأعمال، فأجابه إلى ذلك. وكتب إليه كتاب الصلح وبعثه مع فائق الخادم. فقدم على [أبي الجيش] وهو بدمشق، ومعه الخلع، وهي:

خلعتان من خلع العامّة، وسيفان من سيوفهم، وخلعة من خلع الخاصّة، وخاتم من خواتيم العامّة، وتاج، ومنطقة، ووشاحان، فأنفذ فائقا إلى الفسطاط فقدمها في رجب بكتاب الصلح، وذكر أنّ أمير المؤمنين المعتمد على الله وأخاه أبا أحمد الموفّق وابنه أبا العبّاس أحمد ابن الموفّق كتبوه بأيديهم. وفيه ولاية خمارويه وولده ثلاثين سنة على المعادن والخراج والضياع والقضاء والبريد، ببرقة ومصر والإسكندريّة وأسوان والمعادن وطريق الحجاز، وأجناد الشام وفلسطين والأردنّ وصور ودمشق وحمص وقنّسرين والعواصم والثغور الشاميّة وديار مضر وما يتّصل


(١) الكامل ٧/ ٤١٤: سعيد الأيسر، وعند الطبري ١٠/ ٨:
سعد الأعسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>