للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جبلة] المعروف بالأبرش الكلبيّ (١): إن كان في المقدور أن ينالوا الخلافة، فلا بدّ والله من أن ينالوها! فلا تقطع أرحامهم، وتأثم بربّك فيهم، بل صانعهم، فإنّ مصانعتك إيّاهم خير لعقبك.

هذا هو الرأي والحزم. وإلّا يكونوا من هذا الأمر في شيء، فما خوفك لما ليس بمقدور؟ على أنّ إظهارك التخوّف لهم تنبيه للناس عليهم.

فأمسك هشام عند ذلك عن محمد.

وكان عبد الملك بن مروان قد نظر إلى محمد وهو غلام، وكان محمد جميلا، فقال: هذا والله يفتن المرأة الشريفة!

فقال خالد بن يزيد بن معاوية (٢): أمّا والله إنّ ولده لأصحاب هذا الأمر.

فقال عبد الملك: كلّا!

فقال خالد: هو والله ذاك. إنّ تبيعا (٣) أخبرني عن كعب أنّ هذا الأمر يصير إلى بني العبّاس، وأنّه لا يليه رجل من آل أبي طالب إلّا أن يخرج على وال فيقتل، وأنّها لولد العبّاس إلى أن ينزل المسيح.

وقعد هشام بن عبد الملك يوما في منظرة له فرفع له ركب، فقال: يا غلام، ائتني بخبر هؤلاء.

فمضى بعض من كان بين يديه حتى تلقّاهم فقال: من أنتم؟

قالوا: هذا محمد بن علي بن عبد الله بن عبّاس وإخوته.

قال: فما أقدمكم؟

قالوا: قدمنا لنشكو إلى أمير المؤمنين حالنا وديننا.

فرجع إلى هشام فأخبره فقال: ارجع فقل لمحمد بن عليّ: ارجع من حيث جئت وانتظر أن يقضي دينك ودين أخويك ابن الحارثيّة- يعني أبا العبّاس.

فقال محمد: قل لأمير المؤمنين: إن كان صائرا إلى ابن الحارثيّة، فما عليك أن يكون لكم عنده يد؟ وإلّا يكن ذلك، فعلام تحرمنا فضلك وصلتك وعائدتك؟

فقال هشام للرسول: قل له ما قلت لك وأزعجهم حتى يرجعوا عودهم على بدئهم.

فقال محمد: دعونا لنريح فقد نصبنا وتعبنا.

فأبلغ قوله هشاما فأذن لهم فأراحوا. فلمّا جنّ الليل أتى محمد بعض جلساء هشام فعرض عليه مالا، فلم يقبله. وسأله عن ابن الحارثيّة فأراه إيّاه، وهو صبيّ. ثم رجع إلى الشراة [٦٦ أ] وقال: اللهمّ، إنّ هذا بعينك.

وكانت له بالحميمة خمسمائة شجرة، فكان يصلّي تحت كلّ شجرة ركعتين.

وكان إماما عالما محدّثا عدلا. أخرج له مسلم في صحيحه. وفيه البيت والعدد والخلافة.

[دعاة بني العبّاس]

وكان محمد بعث رجلا إلى خراسان كما تقدّم ذكره. فما زال بها حتى مات. فقدم قحطبة وسليمان بن كثير إلى الكوفة فلم يعرفا الإمام.

فأتيا المدينة فسألا محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عن الإمام فقال: هو منّا، وهو بالشام.


(١) هو كاتب هشام بن عبد الملك.
(٢) خالد بن يزيد حكيم بني أميّة: له ترجمة في المقفّى رقم ١٣٨٢ (ت ٩٠) وانظره أيضا في دائرة المعارف الإسلاميّة.
(٣) التبيع هنا كأنّه الجنّيّ أو الرئيّ التابع للشخص.

<<  <  ج: ص:  >  >>