للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأعراب، فبعث إليه الحسن بن سهل زهير بن المسيّب الضبّيّ على عشرة آلاف فارس فهزمهم [١٢٢ ب] واستباح عسكرهم (١) في سلخ جمادى الآخرة. وأصبح [ابن طباطبا] ميّتا مستهلّ رجب، فأقام أبو السرايا مقامه محمد بن محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين [بن عليّ بن أبي طالب] وهو غلام أمرد، واستبدّ بالأمر دونه، وقاتل جيوش الحسن بن سهل وقتلها وأسرها لثلاث عشرة بقيت من رجب، وبعث جيوشه إلى البصرة وواسط، وولّى عمّاله فيها وفي مكّة واليمن وفارس والأهواز، وسيّر عساكره إلى بغداد. فبعث إليه الحسن بن سهل هرثمة بن أعين فقاتله وأخرجه من الكوفة فقتل. وبثّ الجيوش حتى استردّ البلاد.

هذا وقد كثر الشقاق والخلاف ببغداد، وثارت الشطّار بها، وشنع أمرهم.

[تعيين علويّ لولاية العهد]

وجعل المأمون علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وليّ عهد المسلمين، ولقّبه «الرضى من آل محمد» صلّى الله عليه وسلّم. وأمر جنده فطرح السواد، ولبس ثياب الخضرة، وكتب بذلك إلى الآفاق، وذلك لليلتين خلتا من شهر رمضان- وقيل: بل في يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان- سنة إحدى ومائتين. فامتنع جماعة ببغداد من إجابته وقالوا:

«لا تخرج الخلافة من ولد العبّاس! » وتحدّثوا في خلع المأمون- وكان أشدّهم في هذا منصور وإبراهيم ابنا المهديّ- إلى أن خلعوه لليلتين بقيتا من ذي الحجّة، وبايعوا إبراهيم بن المهديّ أوّل المحرم سنة اثنتين ومائتين.

فشخص المأمون من مرو في شهر ربيع الآخر بعد ما أقام بها تسع سنين، فبقي في طريقه سنتين، وتزوّج بوران بنت الحسن بن سهل.

وقتل ذو الرئاستين الفضل بن سهل لليلتين خلتا من شعبان [سنة ٢٠٢]، فاتّهم المأمون بقتله. فإنّه كان استبدّ بالأمور دونه وحجبه حتّى لم يعلم بأخبار الناس. فلمّا أعلمه عليّ بن موسى الرضا بأنّ الناس قد نقموا عليه تحجّبه وقالوا:

«هو مسجون»، وأنّهم قد بايعوا إبراهيم بن المهديّ بالخلافة، وأنّ الحرب قائمة بينه وبين الحسن بن سهل، وأنّهم فعلوا ذلك كراهة فيه وفي أخيه الفضل، «وكراهة في بيعتك لي من بعدك»، وأحضر علي بن موسى إليه جماعة من وجوه العسكر فأعلموه بذلك، وأنّ أهل بغداد يتّهمونه أيضا بالرّفض (١*) لمكان عليّ بن موسى منه، وأنّ الناس في أمر مريع، قد انتقضت عليه الأطراف، والفضل يموّه عليه، وأنّه ما لم يتدارك الأمور خرجت عنه الخلافة. فكان هذا ونحوه ممّا حمله على الخروج من مرو.

ثم مات عليّ بن موسى في آخر صفر سنة ثلاث ومائتين بطوس، واتّهم المأمون أنّه سمّه في عنب.

فكتب المأمون إلى الحسن بن سهل يعلمه بموته.

وكتب إلى أهل بغداد وبني العبّاس والموالي، يعلمهم بموته وأنّهم إنّما نقموا [١٢٣ أ] بيعته، وقد مات، ويسألهم الدخول في طاعته، فأغلظوا له في الجواب.

ثم كانت ببغداد أمور آلت إلى أن خلع إبراهيم بن المهديّ، ودعي للمأمون في يوم الجمعة بالخلافة. ثم اختفى إبراهيم ليلة الأربعاء لثلاث عشرة بقيت من ذي الحجّة، فكانت إمامته


(١) المهزوم هو زهير عند الطبريّ، ٨/ ٥٢٩.
(١*) بالرفض: أي بالتشيّع.

<<  <  ج: ص:  >  >>