للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تفرّق عنه عامّة جنده وخصيانه وجواريه في الطرق لا يلوي أحد على أحد، وتفرّق عنه السفلة والغوغاء، وأخذ عليه طاهر الأبواب ولم يبق معالأمين سوى سبعة آلاف فرس من خيارها. فأشار على محمد [الأمين] حاتم بن الصقر ومحمد بن إبراهيم بن الأغلب الإفريقيّ أن يختار ممّن يعرفه سبعة آلاف فيحملهم على هذه الخيل ويخرج ليلا حتى يلحق بالجزيرة والشام، فوافقهم على ذلك (١).

ونمى الخبر إلى طاهر فكتب إلى جماعة ممّن حول الأمين في ردّه عن ذلك، فما زالوا به حتّى رجع عن المسير وطلب الأمان. ثم [١٢٢ أ] خرج يوم الخميس لخمس بقين من محرّم سنة ثمان وتسعين بعد العشاء، فذبح وحمل رأسه إلى طاهر فنصبه على برج وكتب إلى المأمون بالفتح وسيّر الرأس إليه، ومعه البردة والقضيب والخاتم. فأخذ ذو الرئاستين الرأس على ترس ودخل به على المأمون، فلمّا رآه سجد. وحينئذ استقامت له الخلافة وهو ابن سبع وعشرين سنة وعشرة أشهر وعشرة أيّام. وبويع له وهو بخراسان وكان قد [ ... ] (٢).

ولمّا قتل الأمين نودي في الناس ببغداد:

الأمان! ودخل طاهر المدينة يوم الجمعة فصلّى وخطب للمأمون وذمّ الأمين.

فلمّا كان بعد مقتل الأمين بخمسة أيّام وثب الجند بطاهر عند ما طالبوه بالمال. فلم يكن معه ما يعطيهم فهرب منهم إلى عقرقوف ونهبوا متاعه ونادوا: «موسى يا منصور! » وكان طاهر قد أخرج موسى ابن الأمين وأخاه عبد الله من بغداد. فتعبّأ طاهر بمن معه من القوّاد لقتال الجند وأهل

الأرباض ببغداد. فخرج إليه من تخلّف عنه من القوّاد وأعيان أهل المدينة واعتذروا وحالوا على السفهاء، فقبل منهم وأمر لهم برزق أربعة أشهر.

ووضعت الحرب أوزارها واستوسق الناس في المشرق والمغرب على طاعة المأمون والانقياد لخلافته.

ثم خالف نصر بن شبث العقيليّ في شماليّ حلب لهواه في الأمين، وملك سميساط وغيرها.

وكثف جمعه وعبر الفرات إلى الجانب الشرقيّ.

واستعمل المأمون الحسن بن سهل على كلّ ما فتحه طاهر من كور الجبال والعراق وفارس والأهواز والحجاز واليمن، وكتب إلى طاهر بتسليم ذلك إليه وأمر طاهرا أن يسير إلى الرقّة لمحاربة نصر بن شبث، وولّاه الموصل والجزيرة والشام والمغرب. فقدم الحسن في سنة تسع وتسعين إلى بغداد وفرّق العمّال. وسار طاهر إلى نصر فدعاه إلى الطاعة فلم يجب، فكان قصارى طاهر حفظ تلك النواحي من نصر.

وتحدّث الناس بالعراق أنّ الفضل بن سهل قد غلب على المأمون وأنزله قصرا حجبه فيه عن أهل بيته وقوّاده، وأنّه يستبدّ بالأمر دونه. فغضب لذلك بنو هاشم ووجوه الناس واجترءوا على الحسن بن سهل، وهاجت الفتن في الأمصار، فظهر بالكوفة محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب المعروف بابن طباطبا لعشر خلون من جمادى الآخرة [سنة ١٩٩] ودعا إلى الرضا من آل محمد صلّى الله عليه وسلّم. وكان [القيّم] بأمره أبو السرايا السريّ بن منصور (١*) فبايعه أهل الكوفة وأتاه


(١) ألف فرس وسبعمائة فارس عند الطبريّ، ٨/ ٤٧٨.
(٢) انقطاع في الرواية.
(١*) السريّ بن منصور، من ولد هاني بن قبيصة الشيبانيّ، الطبريّ، ٨/ ٥٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>