للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلمّا وقف حسن على الورقة قامت قيامته وقبض على أولائك عند حضورهم للسلام عليه وقتلهم. فاشتدّت المصيبة بفقد أركان الدولة وأعضادها، وكانت أشدّ من المصيبة بالريحانيّة.

فعند ذلك نفرت القلوب وعزم من بقي على خلع الحافظ من الخلافة، وحسن من ولاية العهد.

وكان تاج الدولة بهرام الأرمنيّ قد فرّ من حسن وولي الغربيّة، فلمّا علم تغيّر خواطر جميع الناس على حسن، جمع الناس وسار لحربه، فتسلّل إليه العسكر ولم يبق مع حسن سوى الرجّالة من الجيوشيّة [والإسكندريّة والفرحيّة] (١) ومن يقول بقولهم من الغزّ الغرباء. فتحيّر حسن في أمره ولم يدر ما يصنع، وألجأته الضرورة إلى أن لحق بالقصر وصار إلى أبيه. فقبض عليه وقيّده، فأعلم بذلك الأمراء، وكان قد اجتمع بين القصرين من الفارس والراجل عشرة آلاف. فراسلهم الحافظ بأنّه قد أزال أمر حسن، وأنّه لا يتصرّف أبدا، ووعدهم بالزيادة في إقطاعاتهم. فلم يقبلوا ذلك وقالوا: إمّا نحن، وإمّا هو، وما لم تتحقّق الراحة منه وإلّا فلا حاجة لنا بك أيضا، ونخلع طاعتك.

وأحضروا الأحطاب وأشعلوا فيها النار لإحراق القصر وبالغوا في الإقدام عليه، فلم يجد بدّا من إجابتهم إلى قتل حسن بعد ثلاثة أيّام، ليقتله في ستر. ودبّر مع أبي سعد ابن قرقة سقيّة بعثها مع عدّة من الصقالبة فأكرهوه حتى شربها، فمات في يوم الثلاثاء ثالث عشر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وجعل على سرير وأعلم العسكر بموته، فلم يثقوا بذلك وبعثوا الأمير المقدّم جلال الدين أبا عبد الله محمد جلب راغب ليراه، فدخل عليه وهو مسجّى وعليه ملاءة،

فكشف عن وجهه وغرس حديدة كانت معه في عدّة من مقاتله حتى تيقّن أنّه قد هلك، فعاد وأعلمهم بموته فتفرّقوا.

وكان حسن جريئا مفسدا، أراد قلب الدولة، وقدّم الأراذل وأخرب بيوتا كثيرة وأكثر الفساد، وصادر الناس وأخذ أموالهم، وأراق دماء عظيمة بغير حقّ. وفيه يقول أبو علي حسن بن زيد بن إسماعيل بن علي بن محمد الأنصاري الأبيات التي قتله (٢) بها [البسيط]:

لم تأت يا حسنا بين الورى حسنا ... ولم تر الحقّ في دنيا ولا دين

قتل النفوس بلا جرم ولا سبب ... والجور في أخذ أموال المساكين

لقد جمعت بلا علم ولا أدب ... تيه الملوك وأخلاق المجانين

١١٩٥ - معين الدين الجوينيّ [٥٨٨ - ٦٤٣] (٣)

حسن بن علي [أو ابن محمد] بن عمر بن علي ابن محمد بن حمويه، الأمير الوزير الصاحب، شيخ الشيوخ، أبو محمد، وأبو السعادات، معين الدين، ابن شيخ الشيوخ أبي الحسن بدر الدين، ابن شيخ الشيوخ أبي الفتح، ابن الفقيه أبي الحسن، ابن الإمام الزاهد علم الزهّاد أبي عبد الله، الجوينيّ، الحمويّ، المصريّ، الشافعيّ.


(١) الزيادة من الاتّعاظ ٣/ ١٥٥.
(٢) أي التي قتله الحسن ابن الحافظ بسببها سنة ٥٢٩، وانظر ترجمة هذا الشاعر فيما مضى: رقم ١١٥١.
(٣) الوافي ١٢/ ٢٤٦ (٢٢٥) وهو فيه: الحسن بن محمد بن عمر، على أنّه يزيد: ابن شيخ الشيوخ صدر الدين أبي الحسن. وأبو الحسن عادة كنية من اسمه عليّ.
وفي الشذرات ٥/ ٢١٨: ابن شيخ الشيوخ صدر الدين محمد بن عمر، وفي النجوم ٦/ ٣٥٥: حسن بن محمد بن عمر، وكذلك في العبر ٥/ ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>