للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعلم مكان أحد من خلق الله اليوم أعلم بابن عفّان وأمره منّي: كنت معه حيث نقم عليه من نقم.

واستعتبوه فلم يدع شيئا إلّا أعتبهم. ثم رجعوا إليه بكتاب له يزعمون أنّه كتبه يأمر فيه بقتلهم فقال لهم: «ما كتبته، فإن شئتم فهاتوا بيّنتكم، فإن لم تكن بيّنة حلفت لكم». فو الله ما جاءوه ببيّنة ولا استحلفوه ووثبوا عليه فقتلوه. وقد سمعت ما عبته به: فليس كذلك، بل هو لكلّ خير أهل، وأنا أشهدكم ومن حضرني أنّي وليّ لابن عفّان وعدوّ أعدائه.

فقال الخوارج حينئذ: فبرئ الله منك!

قال: بل برئ الله منكم!

وتفرّقوا: فمضى نافع بن الأزرق، وعبد الله بن صفار السعديّ، وعبد الله بن أباض، وحنظلة بن بيهس، وبنو الماحوز إلى البصرة. ومضى أبو طالوت، وأبو فديك عبد الله بن ثور، وعطيّة بن الأسود اليشكريّ إلى اليمامة. ثمّ لحق نجدة بن عامر بهم.

[[إعادة بناء الكعبة]]

وأخذ ابن الزبير في بنيان الكعبة، وأمر بهدمها فإنّها كانت قد هدمت من الحريق. فأبى الناس وخافوا إن هدموها أن ينزل عليهم العذاب وخرجوا إلى منى فأقاموا بها ثلاثا في انتظار العذاب، وقد ارتقى ابن الزبير على جدار الكعبة بنفسه وهدم. فلمّا لم يصبه شيء عاد من خرج إلى منى. ولم يزل الهدم حتى كشف عن ربض آخذ بعضه ببعض فتركه ابن الزبير مكشوفا ثلاثة أيّام ليراه الناس. وأدخل على خالته عائشة رضي الله عنها سبعين رجلا من خيار قريش فأخبرتهم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لها: «لولا حداثة عهد قومك بالشرك لبنيت البيت على قواعدإبراهيم». ثمّ بناه على ذلك الربض ونصب الستر، وكان الناس يطوفون من وراء الستر. وجعل لها بابين [١٤٧ ب] لا صقين بالأرض، وزاد فيما يلي الحجر ستّة أذرع. وزاد في طول البيت تسعة أذرع، وقيل:

عشرة أذرع. وأقام في داخل البيت ثلاث دعائم في صفّ، وكانت قبل ذلك ستّا في صفّين. وجعل درجة إلى السطح في الركن الشاميّ. وجعل ميزابا في السّطح، وعمل روازن (١*) للضوء. وكان الحجر الأسود عنده، فلمّا تمّ البناء وضعه بيده.

ويقال إنّه هدم الكعبة بعد ما حجّ بالناس سنة أربع وستّين. وقيل: هدمها للنصف من جمادى الآخرة منها. وقيل: تمّ بناؤها في سنة خمس وستّين، وهو الأظهر.

وفي سنة خمس وستّين عزل أخاه عبيد الله عن المدينة من أجل أنّه خطب الناس فقال: «قد ترون ما صنع الله بقوم في ناقة قيمتها خمسمائة درهم»، فسمّي «مقوّم الناقة». وولّى عوضه أخاه مصعب بن الزبير.

[ثورة المختار الثقفيّ]

وفي ربيع الأول سنة ستّ وسبعين وثب المختار بن أبي عبيد (٢*) بالكوفة وأخرج منها عبد الله بن مطيع عامل ابن الزبير وادّعي أنّ أبا هاشم محمد بن علي المعروف بابن الحنفيّة (٣*)


(١*) الروزنة: الكوّة.
(٢*) هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن عميرة بن سعد بن عوف بن ثقيف (حاشية).
(٣*) اسمها خولة بنت قيس بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة بن لجيم بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن أسد بن ربيعة الفرس بن نزار بن معدّ بن عدنان. سبيت في أيّام الردّة (حاشية).
ومحمّد ابن الحنفيّة له ترجمة في المقفّى: رقم ٢٧٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>