للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكان الحاكم يقول: والله إنّي لأذكر وقد استدعيته يوما ونحن راكبان، فصار إليّ ورجله على عنق فرسه وبطن الخفّ قبالة وجهي، فشاغلته بالحديث ولم أره تكبّره في ذلك، إلى غير ذلك ممّا يطول شرحه.

فلمّا كان يوم الخميس سادس عشرين شهر ربيع الآخر سنة تسعين وثلاثمائة، أنفذ الحاكم إلى برجوان عشيّة يستدعيه للركوب معه إلى المقس.

فجاء بعد ما تباطأ وضاق الوقت. فدخل إلى القصر، ورؤساء الدولة والموكب بالباب الذي يخرج منه الحاكم إلى المقس، فلم يكن بأسرع من خروج عقيق الخادم يبكي ويصيح: قتل مولاي! - وكان هذا الخادم عينا لبرجوان في القصر قد اصطنعه وجعله على خزانة الخاصّ.

[تخلّص الحاكم منه]:

فاضطرب الناس لذلك، وبادروا إلى باب القصر الكبير ووقفوا هناك، فأشرف عليهم الحاكم، ووقف ريدان صاحب المظلّة وصاح بهم: من كان في الطاعة فلينصرف إلى منزله ويبكّر إلى القصر المعمور! - فانصرف الجميع.

وكان في خبر برجوان أنّه لمّا دخل إلى القصر، كان الحاكم قائما في بستان يقال له «دويرة التين والعنّاب»، ومعه ريدان الصقلبيّ. فعند ما سلّم برجوان ووقف، مشى الحاكم وخرج من باب الدويرة. فوثب ريدان وضرب برجوان بسكّين كانت معه في خفّه، وتناوبه قوم قد أعدّوا لقتله بالسكاكين والخناجر، واحتزّوا رأسه ودفنوه موضعه وألقوا عليه حائطا.

فكانت مدّة نظر برجوان سنتين وثمانية أشهر تنقص يوما واحدا.

ونزل جعفر بن مهذّب متولّي بيت المال لأخذ تركته، فوجد له مائة منديل [يعني عمامة]، شروب ملوّنة معمّمة كلّها، على مائة شاشيّة، وألف سراويل [دبيقيّة] (١) بألف تكّة حرير أرمني، ومن الثياب المخيطة والصحاح، والحلية، والطيب، والفرش، والصياغات (٢) الذهب والفضّة ما لا يحصى كثرة، ومن العين ثلاثة وثلاثين ألف دينار، ومائة وخمسين فرسا لركابه، وخمسين بغلة، وثلاثمائة رأس من الخيل والبغال لغلمانه وللنقل والحمل، ومائة وخمسين سرجا، منها عشرون ذهبا. ووجد له من كتب العلم والأدب شيئا كثيرا. وحمل لجاريته من مصر إلى القاهرة رحل على ثمانين حمارا.

وأدخل جميع ذلك إلى القصر.

قال ابن خلّكان: وبرجوان بفتح الباء الموحّدة وسكون الراء وفتح الجيم والواو، وبعد الألف نون. هكذا وجدته مقيّدا بخطّ بعض الفضلاء.

وقال ابن عبد الظاهر: وكان برجوان يسمّى «الوزغ» سمّاه به الحاكم.

١٠١٦ - بيسري الشمسيّ [- ٦٩٨] (٣)

الأمير بدر الدين، الصالحيّ، النجميّ، أحد المماليك البحريّة الصّالحيّة.

أصله مملوك الأمير شمس الدين قراسنقر الكامليّ. ثم انتقل إلى الملك الصالح نجم الدين أيّوب، وترقّى في خدمه. فلمّا آل ملك مصر إلى المماليك البحريّة صار من أمراء الألوف الأكابر [ ... ].


(١) زيادة من الخطط ٣/ ٤.
(٢) الصياغة: الحجرة الكريمة المدرجة في خاتم ذهب أو فضّة (دوزي).
(٣) الوافي ١٠/ ٣٦٤ (٤٨٥٩)؛ المنهل ٣/ ٥٠٠ (٧٤١)؛ النجوم ٨/ ١٨٥؛ السلوك ١/ ٨٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>