للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كتاب تثبيت نبوّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ أوّل من قام بدعوة الفاطميّين بالغرب المهديّ، وكان اسمه سعيدا، وأبوه يهوديّ حدّاد من أهل سلميّة من أرض الشام. وذكر عنه أنّ دعاته في البلاد يأخذون على الناس أنّه رسول الله وحجّة الله. ومنهم من يلقي إليه أنّه الله الخالق الرازق. وكان إذا ضجّ الناس من هذا وظهر منهم الإنكار يأخذ الدعاة فمرّة يحبس بعضهم، ومرّة يقتلهم ويقول: ما أمرت بهذا، ويقول الدعاة: هو أمرنا (١).

[قول الباقلّاني]

وقال القاضي أبو بكر محمد ابن الباقلّاني (٢) في كتاب «الأسرار الباطنيّة»: إنّ أوّل من وضع هذه الدعوة طائفة من الفرق المخالفة لملّة الإسلام من المجوس وأبناء الأكاسرة وأصحاب الممالك من الفرس، والباعث لهم على ذلك سلب ملكهم والقدح في دينهم وقمع باطلهم بثبوت الإسلام، فلمّا خافوا من تطاول ذلك أعملوا رأيهم واتّفقوا على وضع دعوة تدخل الشبهة على عوامّ الناس ومن لا علم عنده. فيقال إنّ أوّل من وضع ذلك،

الهرمزان الذي واضع أبا لؤلؤة على قتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ثم ظهر أمرها في زمن أبي مسلم الخراسانيّ، ثم ما كان في زمن المعتصم من الأفشين وقتله (١*). وكان من رأي الأوائل منهم أنّهم اتّفقوا على تقديم رجل منهم وضمنوا له النصرة والإمداد بالمال. فجعلوه في رجل يعرف بعبد الله بن ميمون بن عمرو القدّاح الأهوازي، وذلك في سنة عشر ومائتين، وكان حاذقا مشعوذا فأظهر الورع والزهد، وكانيتّخذ رجالا يشبهون خلقته ويأمرهم بالحجّ وإظهار أنفسهم لمن يعرفونه، ويستتر هو مدّة أيّام الحجّ، ثم يظهر ويخبر أنّه حجّ مع الناس، فإذا رجع المشاهدون لأمثاله اعتقدوا صدقه وأنّه حجّ وعاد إلى وطنه وطوي له البعيد.

واختلف في جدّ القدّاح فقيل: هو ديصان أحد الثنويّة. وقيل: إنّ الطائفة الميمونيّة، وهم غلاة من الرافضة، ينسبون إلى والد هذا عبد الله بن ميمون. وقد اتّفق الكلّ على أنّ [٢١٧ أ] القدّاح ليس من ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنّه دعيّ. وكان من دعواهم الكاذبة أن قالوا إنّ جعفر بن محمد الصادق لمّا انقلب روحانيّا استخلف لتميم، يعني المعزّ لدين الله، بعد دورة سبعة (٢*) وهم: عبد الله بن ميمون القدّاح.


- والمتكلّم المعتزليّ، صاحب كتاب «تثبيت دلائل نبوّة سيّدنا محمد» الذي يناقش فيه آراء الفرق الأخرى ولا سيّما الشيعة (دائرة المعارف الإسلاميّة والأعلام، واسمه فيهما: عبد الجبّار بن أحمد).
(١) فهم فانيان أنّ الدعاة يقتلون من أنكر دعواهم. والمنقول عن القاضي هنا يختلف عمّا نقله عنه ابن تغري بردي في النجوم، ٤/ ٧٥.
(٢) الباقلّاني (ت ٤٠٣/ ١٠١٣) هو المتكلّم الأشعري المعروف والفقيه المالكي صاحب «إعجاز القرآن» و «التمهيد» في الجدل والكلام. قال في الديباج المذهب، ٢٦٧: «لقّب بشيخ السنّة ولسان الأمّة ...
وإليه انتهت رئاسة المالكيّين في وقته». وكتابه «كشف أسرار الباطنيّة» سمّاه الشيّال، اتّعاظ ٤٣ هامش ٢:
«كشف الأسرار وهتك الأستار» وقال إنّه لم يصلنا.
(١*) فهم فانيان أنّ المقتول هو بابك الخرّمي. ومعلوم أنّ الأفشين قائد المعتصم العبّاسي اتّهم بالزندقة وقتل سنة ٢٢٦/ ٨٤١.
(٢*) هذه الجملة غامضة. وقد فهمها فانيان على هذا النحو:
«جعفر الصادق انقلب روحانيا ثمّ وصل إلى تميم، أي المعزّ لدين الله، بعد أن مرّ بسبعة أشخاص على التوالي، وهو ... » ولا حظ أن السبعة ينقصهم واحد، ولكنّه وهم في عبارة «ظهور السابع» فظنّ أنه الإمام السابع واسمه عبد الطهور. وفي خصوص هذا التسلسل السباعي في دور الستر، انظر ما كتبه برنارد لويس: أصول ... ١٦٠ -

<<  <  ج: ص:  >  >>