للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قدم عليه، وهما خلوان: تذكّر فعلتك يوم الدار!

فقال: أنشدك الله والرحم يا أمير المؤمنين!

فقال: والله ما ذكرتها ولا أذكرها لأحد.

وكان محمد سمع مروان قال لعليّ رضي الله عنه يوم الدار: قطع الليلة أثرك. فأخذ محمد بحمائل سيف مروان، فرجع عليّ ففرّق بينهما.

ويقال: إنّ الحجّاج وجّه ابن الحنفيّة إلى عبد الملك وافدا. فأكرمه وبرّه ثمّ ردّه إلى المدينة، وقال: فد إليّ في كلّ عام! - وإنّ الحجّاج لم يشخصه معه.

[رواية الواقديّ للأحداث]

وقال محمد بن سعد عن الواقدي: أرسل ابن الزبير إلى ابن عبّاس وابن الحنفيّة أن بايعا، فقالا:

يجتمع الناس على رجل ثم نبايع. فإنّك في فتنة، فغضب من ذلك. ولم يزل الأمر يغلظ بينه وبينهما حتّى خافاه خوفا شديدا، وحبس ابن الحنفيّة في زمزم. فبعث إلى الكوفة يخبر بما هو فيه من ابن الزبير. فأخرج إليه المختار أربعة آلاف عليهم أبو عبد الله الجدليّ، فصاروا إلى المسجد الحرام.

فلمّا رأى ابن الزبير ذلك دخل منزله، وقد كان أيضا ضيّق على ابن عبّاس، فبعث إلى حطب فجعله على باب ابن عبّاس، وحوّل مجلس ابن الحنفيّة من زمزم فمنعه ذلك الجيش ممّا أراد.

وسار ابن الحنفيّة إلى الشعب فنزله. ثمّ إنّ ابن الزبير قوي على ابن الحنفيّة حين قتل المختار وغلب مصعب على الكوفة. فأخرج ابن عبّاس وابن الحنفيّة [١٣١ ب] عنه وقال: لا تجاوراني ولا تبايعاني!

فخرجا إلى الطائف، فمرض ابن عبّاس ثمانية أيّام، ثمّ توفّي بالطائف، فصلّى عليه ابن الحنفيّة وكبّر عليه أربعا (١) ودفنه. وكان الذين تولّوا حمله ودفنه مع ابن الحنفيّة أصحابه الشيعة.

وقال بعض الرواة: ومات ابن الحنفيّة بأيلة.- وذلك غلط. والثبت أنّ ابن الحنفيّة مات بالمدينة، وله خمس وستّون سنة. وصلّى عليه أبان بن عثمان بن عفّان، وهو والي المدينة، وقال له أبو هاشم ابنه: نحن نعلم أنّ الإمام أولى بالصلاة، ولولا ذلك ما قدّمناك.

ويقال إنّ أبا هاشم أبى أن يصلّي على أبيه أبان، فقال أبان: أنتم أولى بميّتكم! - فصلّى عليه أبو هاشم.

وروى الواقدي أنّ محمد بن الحنفيّة قال في سنة الجحاف (٢) حين دخلت سنة إحدى وثمانين:

هذه لي خمس وستّون سنة، قد جاوزت سني أبي بسنتين- وتوفّي تلك السنة. ويقال: توفّي سنة اثنتين وثمانين. ودفن بالبقيع.

ويروى أنّه لمّا كان من أمر ابن الحنفيّة ما كان تجمّع بالمدينة قوم من السودان، غضبا له، ومراغمة لابن الزبير. فرأى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما غلاما له فيهم وهو شاهر سيفه، يقال له رباح. قال رباح: والله إنّا خرجنا لنردّكم عن باطلكم إلى حقّنا- فبكى ابن عمر وقال: اللهمّ إنّ هذا بذنوبنا.


(١) التكبير بأربع عند السنّة، وهو بخمس عند الشيعة، قال أبو تمّام (٤/ ٩٥) راثيا رجلا شيعيّا [الطويل]:
وتكبيره خمسا عليه معالنا ... وإن كان تكبير المصلّين أربع
وانظر دعائم الإسلام للقاضي النعمان ١/ ٢٣٦ في كتاب الجنائز. وانظر كذلك سجلّ الحاكم الفاطميّ عند ابن خلدون ٤/ ٦٠، وفي الخطط ٢/ ٢٨٧.
(٢) الجحاف: مشكولة في المخطوط، ولا ندري هل هي اصطلاح؟

<<  <  ج: ص:  >  >>