للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمراء، وهم الأمير جمال الدين آقوش قتّال السّبع وغيره، فرضوا بذلك، وكتبوا إلى كلّ من نوّاب الشام بما اتّفق من قتل السلطان والرّضا بالملك الناصر. فعارضهم في ذلك كرجي وأبى إلّا سلطنة طغجي وأن يكون هو نائب السلطنة. فاتّفق قدوم الأمير بكتاش الفخريّ بالعسكر المجرّد إلى غزو سيس، وقتل طغجي وكرجي في رابع عشر ربيع الآخر بعد قتل لاجين بأربع ليال كما ذكر في ترجمتهما (١). وصار الأمراءيتردّدون إلى دار الأمير بكتاش الفخري بالقاهرة للاجتماع عنده، وقد صار العسكر فريقين، هما البرجيّة وكلّهم مع الأمير بيبرس الجاشنكير، والصالحيّة وهم بأجمعهم مع الأمير سلّار. واتّفق الكلّ على إحضار الملك الناصر، فبعثوا في إحضاره الأميرين سيف الدين آل الملك الجوكندار، وعلم الدين سنجر الجاولي. وركبا الهجن (٢) في يوم الخميس سابع عشر ربيع الآخر، بعد قتل طغجي [٨٥ أ] وكرجي بثلاثة أيّام. واتّفق الأمراء على تدبير الأمور فكانوا يجلسون جميعا ويكتب كلّ منهم علامته على الكتب والمراسيم، وأوّل من يكتب الأمير حسام الدين لاجين أستادار، ثمّ الأمير عزّ الدين أيبك الخازندار، ثمّ الأمير سلّار الأستادار، ثمّ الأمير كرت الحاجب، ثمّ الأمير جمال الدين آقوش الأفرم، ثمّ الأمير جمال الدين عبد الله السلاح دار، ثمّ الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فلا يصدر مكتوب إلّا وعليه خطوط هؤلاء كلّهم. فإذا كان يومي الاثنين والخميس، نزل الجميع إلى دار الأمير بدر الدين بكتاش الفخري أمير سلاح وأكلوا على سماطه. وصار الأمير عزّ الدين أيبك

الخازندار يجلس في مرتبة النيابة منذ قتل طغجي ويجلس الأمراء عن يمينه وعن شماله، ثمّ رتّب بدله الأمير سلّار وأقام التخت بغير سلطان مدّة خمسة وعشرين يوما حتى قدم الملك الناصر.

[سلطنته الثانية- جمادى الأولى ٦٩٨ - ٧٠٨]

وذلك أنّه لمّا سار الحاج آل الملك وسنجر الجاولي إلى الكرك، وجدا الملك الناصر يتصيّد بالغور، فسارا إليه. ودخل الأمير آقوش الأفرم على أمّ السلطان فبشّرها. فخافت أن يكون ذلك مكيدة من لاجين وتوقّفت في مسيرها وابنها إلى مصر. وعند ما وصل آل ملك والجاولي إلى السلطان، نزلا وقبّلا الأرض وأعلماه بالخبر. فأتى إلى الكرك وأخذ في تجهيز أموره، والبريد يتواتر من مصر باستحثاثه على القدوم. فاطمأنّت أمّه وتحقّقت صدق الخبر. وسار ومعه الأفرم نائب الكرك. فخرج الأمراء والأجناد والمماليك وسائر الناس إلى لقائه فرحا به، بحيث لم يبق بالقاهرة ومصر من الناس إلّا القليل، وذلك في يوم السبت رابع جمادى الأولى. وصعد قلعة الجبل وجلس على تخت الملك في يوم الاثنين سادسه.

وجدّدت له البيعة، وكتب شرف الدين محمد بن فتح الدين القيسرانيّ عهده عن الخليفة الحاكم بأمر الله أبي العبّاس أحمد. وأقرّ الأمير سيف الدين سلّار في نيابة السلطنة بديار مصر، وجعل في الأتابكيّة حسام الدين لاجين أستادار، وتولّى الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير الأستداريّة والأمير جمال الدين آقوش الأفرم نائب دمشق، والأمير سيف الدين كرت الحاجب نائب طرابلس، وعمل عوضه حاجبا سيف الدين قطلوبك، وأفرج عن الأمير شمس الدين قراسنقر نائب حلب وولّاه نيابة قلعة الصّبيبة، والأمير [٨٥ ب] عزّ الدين أيبك الحمويّ والوزير شمس


(١) هذه تراجم مفقودة.
(٢) ج هجين وهو المخلوط من الخيل والإبل، وفي مصر المملوكيّة: ناقة للسفر (دوزي).

<<  <  ج: ص:  >  >>