لاجين الروميّ الحساميّ الأستادار أتابك العساكر، والأمير بيبرس الجاشنكير أستادار، وبيبرس المنصوريّ الدواداريّ دوادار، وأعطي إمرة مائة فارس وتقدمة ألف، وجعل إليه أمر ديوان الإنشاء في المكاتبات والأجوبة والبريد، وأنفق في العسكر، وحلفوا على العادة. وصار كتبغا هو المتحدّث في جميع الأمور والقائم بأمور المملكة، وليس للملك الناصر من الأمر شيء البتّة. وكتب إلى الشام عن الملك الأشرف ب «أنّا قد استنبنا أخانا الملك الناصر ناصر الدين محمدا وجعلناه وليّ عهدنا، حتى إذا توجّهنا إلى لقاء العدوّ يكون لنا من يخلفنا». ورسم أن يحلف الناس له ويقرن اسمه باسم الملك الأشرف في الخطبة. فتوجّه بذلك الأمير ساطلمش، والأمير بهادر التتريّ على البريد، فقدما دمشق في رابع عشرينه. فجمع أيبك الحمويّ نائب الشام الناس، وحلّف الأمراء والعساكر وخطب للناصر بعد الأشرف في يوم الجمعة ثالث عشر منه، وكان ذلك من تدبير الشجاعيّ.
فورد من الغد مرسوم بالحوطة على موجود بيدرا ولاجين، وطرنطاي الساقي، وسنقر شاه وبهادر رأس نوبة. وظهر [الخير ب] قتل الأشرف وإقامة أخيه محمد في السلطنة. وتتبّعت قتلة الأشرف فأخذ بهادر رأس نوبة، وآقوش الموصليّ المعروف بنميلة الحاجب، وطرنطاي الساقي، ونوغاي السلاح دار، والناق الساقي السلاح دار، والطنبغا الجمدار، وآقسنقر الحساميّ، ومحمد خواجا، واروس، في خامس عشر صفر، فقطّعت أيديهم وسمّروا، وطيف بهم مع رأيس بيدرا، ثمّ قتلوا إلى العشرين منه قتلا شنيعا. وقبض على كثير من المماليك وأنزلوا من قلعة الجبل. وأسكن طائفة منهم بمناظر الكبش، ومناظر الميادين، وطائفة بدار الوزارة من القاهرة.
ثمّ خطب للناصر بمفرده على منبر دمشق يوم الجمعة حادي عشرين شهر ربيع الأوّل.
فلمّا كانت ليلة الأربعاء عاشر المحرّم سنة [٨٤ ب] أربع وتسعين خرج المماليك من مناظر الكبش يريدون إثارة فتنة على كتبغا، فظفر بهم [كتبغا] وقتلهم، وجعل هذه الحركة سببا لخلع الملك الناصر، وتسلطن في يوم الأربعاء حادي عشره. فكانت مدّة سلطنة الناصر هذه سنة تنقص ثلاثة أيّام. وأسكن هو وأمّه في بعض قاعات القلعة، وعومل بما لا يليق به.
ثمّ أخرج إلى الكرك في صفر سنة سبع وتسعين [وستّمائة] بعد خلع العادل كتبغا وسلطنة المنصور حسام الدين لاجين، ومعه سيف الدين سلّار، والأمير سيف الدين بهادر الحمويّ، والأمير سيف الدين أرغون، وسيف الدين طيدمر حوباش، في عدّة من المماليك. فقدم إلى الكرك في رابع ربيع الأوّل، وبها الأمير جمال الدين آقوش الأشرفيّ نائبا. فقام بخدمته إلى أن قتل المنصور لاجين ليلة الحادي عشر من ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وستّمائة.
فاتّفق أمراء الدولة، وهم: عزّ الدين أيبك الخازندار المنصوريّ، وركن الدين بيبرس الجاشنكير، وسيف الدين سلّار الأستادار، وحسام الدين لاجين الروميّ، وجمال الدين آقوش الأفرم، وجمال الدين عبد الله السلاح دار، وسيف الدين كرت الحاجب، وطغجي، وكرجيّ، وغيرهم، على مكاتبة الملك الناصر ليحضر من الكرك، وأن يكون طغجي نائب السلطنة، وأن لا يقع أمر من الأمور إلّا بموافقة الجميع، وتحالفوا على ذلك من ليلتهم.