للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وشدقم ضخم القرى والحنجرة ... وجازر يلبقة ما أجزره

قيس إذا كفت عنه مئرزة ... وقد دعا أعوانه في المجزرة

زيد الحصى وشبثا ومغيرة ... فشقّ شطّا تامكا وكركره

فشايع من رجل ومزمره ... وحامل لأهله ما أوقره

يوم ابن جدعان بجنب الحزوره ... كأنّه قيصر أو ذو الدسكرة

وكان الأسير في قريش يرسل إليه أهله أن يغتنم غفلة الناس يوم طعام ابن جدعان فيهرب.

ولعبد الله بن جدعان يقول خراش بن زهير في أمر عكاظ [الطويل]:

أغرّك أن قالت قريش مسوّد ... وأنّك مكفيّ بمكّة طاعم

[[إعجاب كسرى به]]

وقال البلاذريّ: وكان له ذكر في العرب. فسأل كسرى يوما عن دين العرب وأمر البيت، وقال:

إنّي لأحبّ أن ألقى من أهل مكّة رجلا ذا عقل وفهم فأسائله عن أمورهم. فذكر له قوم من العرب كانوا بحضرته أمر عبد الله بن جدعان. فكتب إلى صاحبه باليمامة يأمره بالمسير إلى مكّة حتى يشخص إليه عبد الله بن جدعان مكرما، فأشخصه إليه. فلمّا رآه كسرى أعجبته هيئته وعقله ونبله، وكان قد أهدى إليه عضبا يمانيّا وأدما. فقبل هديّته وآنسه. فكان يدعو به ليسائله، وبينهما ترجمان، فإذا قام منصرفا قال: ما ظننت أنّ في العرب مثل هذا في حلمه ونجابته وجوده ورأيه.

وكان يؤاكله. ثمّ إنّه وصله فزوّده [١٩٦ ب] من ثياب العراق وطرائفه وقال له، وهو يأكل معه:

هل لك من حاجة تذكرها؟

قال: نعم، تهب لي هذا الطبّاخ الذي يتّخذ لك هذه الحيسة- يعني الفالوذ- فوهب له طبّاخا.

فلمّا انصرف وقدم مكّة أمر باتّخاذ الفالوذ فكان يتّخذ ويطعمه أهل مكّة فقال أميّة بن أبي الصلت [الوافر]:

وأبيض من بني عمرو بن كعب ... وهم كالمشرفيّات الحداد

له داع بمكّة مشمعلّ ... وآخر فوق دارته ينادي

إلى ردح من الشئزى ملاء ... لباب البرّ يلبك بالشّهاد

لكلّ قبيلة شيخ وهاد ... وكنت الرأس تقدم كلّ هاد (١*)

فما لاقيت مثلك يا ابن سعدى ... لمعروف وخير مستفاد

(قال) وقد سمعت في قدومه على كسرى وجها آخر، وهو: أنّ الحرث بن ظالم [المرّي] لمّا خاف النعمان استجار بزرارة بن عدس، ثم التمس أحرز من مكانه عنده فأتى مكّة واستجار بعبد الله بن جدعان. فكره النعمان ومن جمع له أن يأتوا مكّة وهي حرم. فكتب النعمان إلى كسرى يعلمه فتك الحرث وشرارته وأنّه يسعى بالفساد في عمله، ويسأله أن يكتب إلى صاحب اليمامة في إشخاص الحرث إليه وأخذ من هو عنده به.

فلمّا صار صاحب اليمامة بقرب مكّة كره أن يطأها بجيش، فانتظر يوما من أيّام أسواقهم بعكاظ أو غيرها. فلمّا اجتمعوا فيه لقي ابن جدعان فسأله أن يسلّم إليه الحرث بن ظالم. فقال: إنّه قد فارقني.


(١*) قد تقدّم البيت برواية أخرى ص ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>